|


أحمد الحامد⁩
ألقاب ورمزيات
2021-06-12
نحن نستخدم بعض الألقاب بصورة غير دقيقة، نقول مثلًا عن الملحن الذي أمضى سنوات طويلة في المجال: إنه “موسيقار”.
ونقصد أنه ملحن كبير وناجح جدًّا، بينما يكمن استخدام الكلمة الصحيح في وصف مَن تكون الموسيقى مهنته، ولا علاقة لها أبدًا بكونه قد أمضى في عمله هذا عامًا واحدًا، أو خمسين عامًا، أو كان ناجحًا، أو فاشلًا. كان بليغ حمدي يرفض هذا اللقب، ويقول عن نفسه: إنه ملحن لا أكثر. ويرى أن لقب الموسيقار يصلح لقائد الأوركسترا المختصَّة في المقطوعات الموسيقية، لكنَّ هذا اللقب مغرٍ لبعض الملحنين، لأنه يميِّزهم عن منافسيهم الذين لم يُطلق عليهم هذا الوصف، لذا تقبَّلوه و”مشي الحال”. لقب “شيف”، وهو اللفظ المطوَّر للطباخ، أيضًا يتم استخدامه بصورة غير صحيحة في حالات كثيرة. الشيف يطلق على الطباخ المختص الذي يعد الطعام بمعايير علمية وصحية، ويستحقه مَن أمضى وقتًا في المعاهد والجامعات لتعلُّم أصول الطبخ، ومصادر الأغذية، وتاريخها وفوائدها وتأثيراتها على جسد الإنسان، ودرجات الحرارة التي تصلح لإعداد كل غذاء. شخصيًّا، فقد هذا اللقب هيبته لدي منذ سنوات عندما قرأت إعلانًا في الـ “سوشال ميديا” لشخص أعرفه جيدًا، كان يعد “كبسةً” نصفها دهون، لكنها كانت لذيذة مؤقتًا، وتكمن مشكلتها في أنها تجبرك على النوم بعد تناولها، ولا تستعيد معدتك طبيعتها إلا بعد ساعات من تناولها. قرأت إلى جانب اسم صاحبنا في الإعلان لقب “شيف”، وجاء فيه أنه على استعداد تام لكافة الحفلات والولائم، فدعوت الله أن يرزقه، وألَّا ينام المعازيم مباشرةً بعد تناولهم الطعام، وأن يخرج سالمًا وكل مَن حضر الحفل بعد أي وليمة. مشكلة صاحبنا، الذي أطلق على نفسه لقب “شيف”، أنه لم يتعلم أكثر مما كان يعرفه من طبخ “الكبسة”، أو “المرقوق”، واستخدم المسمَّى، الذي تعب من أجله مَن تعلم تعليمًا صحيحًا ليحصل عليه، كما أنه لا يعترف بالمعايير الفنية التي يستخدمها المهنيون، لأنه لا يعرف كيف يُعد طبخةً ثانية بمواصفات الأولى نفسها، كونه لا يعترف بالمقادير، ويستخدم نظرية عينك ميزانك! لقب “الفاشنيستا” لم يكن منتشرًا قبل ظهور وسائل التواصل، ويُطلق على النساء المهتمات، أو العاملات بالأزياء، لكنه أصبح الآن يطلق على كثير من النساء اللاتي حققن الشهرة في الـ “سوشال ميديا، على الرغم من أن معظم ما يقدمنه لا علاقة له بالأزياء والموضة، حتى معظم مَن بدأن بالأزياء والموضة، تحوَّلت حساباتهن إلى رصد ليومياتهن، واستعراض ما لديهن من ساعات وعطور وسيارات، أو تقديم النصائح والتوجيهات للعيش بأسلوب صحيح، والتمتع بروح معنوية عالية لا تهزها أي عواصف، ثم البكاء أمام المتابعين بسبب فشل تجربتهن الزوجية، أو تعليق جارح وُجِّه إليهن. قد نقصد ببعض الألقاب رمزيةً معينة، فنقول عن الملحن الشاطر: إنه موسيقار. والطباخ الماهر: إنه شيف. لكن المؤكد أن المتميزين هم الذين تتبعهم الألقاب ولا يبحثون عنها.