|


عبد العزيز الزامل
قمة الإثارة في قمة الصمت.. «مكان هادئ الجزء الثاني»
2021-06-16
نتخوَّف دائمًا بعد متابعة فيلم عظيم حينما نسمع أنه “الجزء الأول”. لِمَ يجب أن يكون هناك جزء ثانٍ لهذه العظمة؟ يُطرح هذا التساؤل بسبب خيبات الأمل التي طالت المشاهدين مرةً بعد أخرى، وفيلم بعد آخر.
حينما سمعت للمرة الأولى أن فيلم “مكان هادئ 2018”، سيكون له جزء ثانٍ، تخوَّفت بشكل كبير، وأسباب ذلك كانت، أن الفيلم الأول قدَّم شيئًا لم يكن ليتفوَّق فقط في تصنيفه، بل وليقف قويًّا كأحد أعظم الأفلام خلال العقد الماضي.
الفيلم قدَّم مفهومًا جديدًا لأفلام الرعب. فيلم استطاع المزج ما بين الفردية والفكرة، والتميُّز والأداء، وقوة كتابة الأحداث والحوار، ثم انتهى بنهاية تقبل عدم التجديد، وتقبل كذلك التجديد لجزء ثانٍ، وهو أمر مثالي جدًّا جدًّا، ونادرًا ما يحصل في الأفلام بشكل عام.
على كل حال، صدر الفيلم بجزئه الثاني بعد أن تأجَّل أكثر من عام من تاريخ عرضه الأصلي، حيث كان من المفترض أن يصدر في مارس 2020، لكنه صدر فعليًّا في يونيو 2021.
المخرج جون كراسينسكي يقدم شخصياته الثلاث المميزة بتحدٍّ جديد. إيميلي بلنت، ميليسنت سيموندز، نواه جوب، يستمرون في محاولة النجاة مع أخيهم الرضيع، الجديد على هذا العالم الوحشي، حيث إن بكاء الطفل الصغير قد يعني نهاية كل شيء.
لعل من أبرز إيجابيات هذا الفيلم ربطُ القصة الجزء الثاني بما قبل أحداث الجزء الأول، واستكمالها بعد ذلك بما بعد نهاية الجزء الأول، كذلك الأداء التمثيلي للشخصيات الثلاث من الجزء الأول، حيث جاء رائعًا. الممثلة إيميلي بلنت، تستمر في تقديم دروس بالمجان لما يمكن أن يكون عليه الدور النسائي في السينما، كذلك الحال مع ابنتها الصغيرة في الفيلم ميليسنت سيموندز، التي قدمت أصخب مشهد بكاء صامت من الممكن للمرء مشاهدته.
أما الدور الجديد، الذي راهن عليه المخرج كراسينسكي، بأن يكون بديله في الأداء التمثيلي، فهو الرائع كيليان ميرفي، والشهير في أعمال كثيرة مثل “الوطواط يبدأ 2005”، و”استهلال 2010”، وكذلك دوره الشهير في مسلسل “بيكي بلايندرز”. كل تلك الأعمال السابقة، أعطت مؤشرات على جودة أداء هذا الممثل، وبالنهاية جاء الرهان ناجحًا في تقديم أداء مثالي لشخصية تستعيد الأمل في البشرية.
الحيرة التي أصابتني بعد نهاية الجزء الثاني لم تكن إلا حيرة مثالية، يجب أن تكون في كل “سلسلة أفلامٍ”، حيث نجح المخرج الرائع كراسينسكي في أن يجعلني أقول: “لا أعرف أي الفيلمين أفضل بسبب قوتهما”.