|


هيا الغامدي
إيطاليا موطن «الجرينتا»
2021-06-27
ليلة تراجيدية شاقة وصعبة، عاشتها الكرة الإيطالية في بطولة اليورو الحالية، وتحديدًا أمام النمسا، المنتخب المفعم بالحيوية بشكل يجعل الحياة صعبة بمعيته. أحيانًا تقدم لك كرة القدم صفعة قوية لتستفيق من سباتك العميق، والاستهانة بالخصم تكلفك الكثير أحيانًا!
ذكرت سابقًا أن بعض الفرق لم تُختبر بشكل جيد في الدور الابتدائي/ المجموعات في يورو 2020. إيطاليا واحدة منها، على الرغم من تألق مانشيني، والأدوار الإقصائية مرحلة اختبار حقيقي للجميع، مرحلة فرز للجيد من الأقل، مرحلة البطولة الحقيقية. النمسا فاجأت الطليان بفريق يلعب كرة قدم ديناميكية، ولا يستسلم بسهولة. طموحٌ ومكافحٌ، وأصرَّ على كتابة التاريخ أمام منتخب عريق، وقدَّم مستوى شبه ثابت، 120 دقيقة صلابة دفاعية، لكن وكما يقال “كثر الدق يفك اللحام”، بديلا إيطاليا، كييزا وماتيو، كسرا الجمود، وأحدثا الفارق لإيطاليا، وحافظا على ماء وجهها.
المتأمل لسر تفوق/ تألق الطليان، الذين أصبحوا يمزجون بين الديناميكية والهجوم، ويتعاطون الدفاع بتوازن، سيجد أنها في الروح القتالية/ الجرينتا، مصطلحٌ مأخوذ من كلمة GRINTA بالإيطالية، وتعني المثابرة والطموح والعزيمة والإصرار واللعب دون تراخٍ وصولًا للهدف. الجرينتا هي إضرام نار الحرب مهما كنت ضعيفًا، والنصر ولو كنت مهزومًا، والقتال لآخر رمق. الجرينتا ليست مجرد أسلوب لعب، هي تولد وتكبر مع الفرد لتجعل شغفه بلا حدود.
الجرينتا هي التي تجعل من كرة القدم مسألة حياة أو موت، وقد عبَّروا عنها قديمًا، كما لو أن أحدًا يدافع عن أهله وممتلكاته الخاصة. الكرة الإيطالية التي اعتمدت على الجرينتا كمذهب في كرة القدم، عُرِفَت بالدفاع، حتى إن أفرادها لُقِّبوا بوزراء الدفاع. ويقال إن مخترع الجرينتا والأب الروحي لها، هو لاعب ميلان السابق جينارو جاتوزو. لكنَّ ملامحها وُجِدت بكثرة في قيصر الريال السابق سيرجيو راموس، وبين ثنايا جينات كريستيانو رونالدو الكروية. ولا ننسى أن أكثر المدربين الذين اعتنقوا الجرينتا لهم مذهبًا مدربُ ليفربول الألماني يورجن كلوب، ودييجو سيميوني، مدرب أتلتيكو، فاعتناقه مذهب الجرينتا شكَّل منه “بعبعًا” في عيون “الجيران” مدريد.. برشلونة.
إيطاليا عبرت للدور ربع النهائي بصعوبة، ونجت من كمين النمسا، ولديها اختبار أقوى في المرحلة المقبلة أمام منافس قوي على اللقب، وبحاجة إلى جرعات مكثفة من الجرينتا والتركيز العالي لتخطيه، منتخبٌ ثقيل ومنافسٌ صعب الهضم، وهو اختبارٌ حقيقي لجودة وعمل مانشيني، الرجل الذي يقدم للآن مع الآتزوري رقمًا قياسيًّا على مستوى المنتخبات بلا هزائم في 31 مباراة في جميع المسابقات!