|


أحمد الحامد⁩
صغيرة.. كبيرة
2021-07-07
بعض التصرفات الإنسانية التي تبدو صغيرة ليست بصغيرة، خصوصاً تلك التي تلامس القلوب مباشرة، ويصح القول بأنها عميقة في الإنسانية وكريمة في الأخلاق.
أتذكر عندما سمعت زميلتنا أحد الزملاء وهو يقول: اليوم فقط تذكرت أن اليوم يصادف عيد ميلادي. اتصلت الزميلة بمحل الورود وأحضرت باقة ورود أنيقة وقدمتها له بمناسبة عيد ميلاده، تفاجأ الزميل ثم بكى متأثراً من اللفتة اللطيفة وقال: شعرت بأن أحداً اهتم بي ودفع المال مقابل أن يظهر اهتمامه، عاش الزميل سنوات في العمل وهو يرى أن الزميلة صاحبة فضل عليه، ومازال يتذكرها ويتذكر باقة الورد حتى بعد انتقاله إلى مؤسسة أخرى.
وتقول إحدى المعلمات بأنها بدأت التدريس في المدرسة عند بداية الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي، وكانت دون قصد تضع يدها وهي خارجة من الفصل على رأس أحد الطلاب الأطفال كان يجلس بالقرب من الباب، لاحظت بعد مدة وبعد مراجعتها لدرجات الطلاب أن هذا الطالب بدأت درجاته الدراسية بالارتفاع، وصار من الطلبة المتميزين في مادتها، حاولت أن تكتشف الأسباب التي جعلته دون زملائه يحصل على علامات مرتفعة، وعندما سألته عمّا يحبه في المادة التي تعلمها، أجاب بأنه يحب اللحظة التي تضع فيها يدها على رأسه وهي خارجة من الفصل. نشرت المعلمة قصتها مع الطالب لكي تقول إلى أي درجة أن بعض اللمسات الإنسانية قد تترك أثراً كبيراً في قلوب من يحتاجونها.
بالأمس شاهدت اللاعب الدولي السابق سامي الجابر وهو يستقبل ويهدي إحدى المشجعات الصغيرات قميص الهلال، وقميصاً آخر باسمها، كانت سعادتها شديدة وأعجز عن وصفها، كانت لفتة سامي كبيرة، لم تكلفه المال الكثير، بل القليل من المجهود الذكي والبالغ الأثر. يبقى العالم جميلاً مع بقاء الخير وكل التصرفات الإنسانية النبيلة، ولا تحتاج مثل هذه التصرفات إلى مجهود كبير أو مال كثير، لكنها تحتاج إلى انتباه لفعلها، وإلى استمرار في الفعل، وأعتقد أن كل واحد منا يعيش معه ومن حوله من ستسعدهم باقة ورد صغيرة، أو علبة شوكلاتة مغلفة بورق أنيق، تشعرهم بأن هناك من اهتم بأمرهم، وفكر في إسعادهم. أما ما سنحصل عليه من مثل هذه اللمسات سيفوق ما نقدمه، وسيعود لنا كل ما بذلناه بشكل من الأشكال، يقول فاروق جويدة “إنني أؤمن عن يقين بأن سعادتنا تبدأ داخلنا، وأن السعادة في العطاء ربما تفوق السعادة فيما يعطيه لنا الآخرون”.