|




أحمد الحامد⁩
«شيلوا» الفلاتر
2021-07-13
النرويج أصدرت قرارًا بمحاربة معايير الجمال غير الواقعي، وفرضت على الذين يستخدمون “الفلاتر” في صورهم على الـ “سوشال ميديا” أن يضعوا علامة تشير إلى أن الصورة تم تعديلها، وأنها غير واقعية. سبب ذلك أن المتابعين والمتابعات للمشاهير، يتأثرون نفسيًّا، لكونهم ليسوا وسيمين، أو جميلات مثل أصحاب الصور المعدَّلة.
قرار النرويج فيه رسالةٌ لأصحاب الفلاتر بأن يكونوا طبيعيين، وبصورة أدق: “لا تكذبوا على الناس”. مشكلة الفلاتر الأولى أنها تزيِّف الحقيقة، وكل ما هو مزيف يعدُّ خداعًا، كما أنها تصنع ورطةً لدى مَن يستخدمها، لأن الذين يعتادون على الفلاتر، يصلون إلى حالة عدم تقبُّل لأشكالهم على طبيعتها، وإلا لماذا يستخدمون الفلاتر؟ كما أنهم على أرض الواقع يعيشون دائمًا حقيقة كشفهم، ومقارنتهم بصورهم غير الطبيعية. المشكلة الثانية تقع على المتابعين عندما يصدِّقون أشكال أصحاب الصور المفلترة، ويقارنون بينها وبين أشكالهم، وهي المشكلة الاجتماعية نفسها التي يتسبَّب بها بعض المشاهير، الذين يستعرضون ما لديهم من سيارات وساعات باهظة الثمن، ومنازل فخمة، وأوقات تملأها السعادة ورحلات السفر، ويأتي استعراضهم على حساب متابعيهم، الذين يقارنون حياتهم بحياة هؤلاء المشاهير، وهي مقارنة خاطئة وغير منطقية.
تذكِّرني الفلاتر بقصة قديمة لأحد أقاربي عندما اشترط في النظرة الشرعية ألَّا تضع الفتاة أي مساحيق تجميلية، وعندما قيل له إن الفتيات يفضِّلن وضع بعض اللمسات التجميلية، رفض ذلك، وحقًّا تم تحقيق طلبه، وتزوج الرجل بالفتاة التي شاهدها على طبيعتها، أما سبب إصراره هذا، فهو ما حصل لصديقه، الذي قال إنه تعرض لعملية خداع، لأن كمية المكياج التي لم يكن يعرف حجمها، غيَّرت من شكل الفتاة أثناء رؤيته لها للمرة الأولى، ولم يكتشف الحقيقة إلا بعد الزواج.
كنت وما زلت أعتقد أن الـ “سوشال ميديا” من أبرز المكاسب التي حصلنا عليها نحن أبناء هذا العالم التقني، لأنها قدَّمت لنا العديد من الخدمات الاجتماعية والعلمية والثقافية، لكن ذلك يجب ألَّا يكون على حساب طبيعتنا وحقيقتنا. لا أشك أن مشاهير الفلاتر سيتركون يومًا ما فلاترهم، لأنهم سيتعبون من ملاحقة واقعهم المصنوع، وسيشتاقون إلى طبيعتهم التي فقدوها، وسيكتشفون متأخرًا أن الجمال الحقيقي يكمن في ما هو غير مصطنع.
أرجو ألَّا يعد المشاهير الذين يستخدمون الفلاتر أنني متحامل عليهم، وألَّا يقولوا إنني “منقهر” لأنني لست وسيمًا مثلهم، وأن كتابتي عن أضرار الفلاتر جاءت بعد عجز الفلاتر عن جعلي وسيمًا.