|




تركي السهلي
نصر شفّاف
2021-08-14
طوال فترة الإعلان عن ضرورة حصول النصر على شهادة الكفاءة الماليّة لتسجيل اللاعبين الجُدد والبدء بموسم مالي نظيف، لم تكن الجماهير الصفراء على قلق ولم تكن في حالة شكٍّ واحدة بأن العاصميّ الكبير لن يتخلّص من أخطاء الماضي.
في الثاني عشر من أغسطس للعام الجاري حاز العالمي شهادته وأعلن مجلس الإدارة برئاسة مسلّي آل معمر عمّا حدث، وأطلع المتابعين والمراقبين على كيفية سداد الديون في مسلك ينبئ عن نصرٍ شفّاف. ظهرت الأمور كُلّها للعامّة وتم إيضاح كيفية إغلاق ملف الالتزامات العالقة: نحو مئة وستة وثلاثين مليون ريال كانت معظمها بين مطالب للاعبين ومقدّمات عقود وأخرى تجاه أندية بنحو تسعين مليون ريال.
الوضوح كان لغة النصر، والشفافية زرعت الاطمئنان، والتحدّي المُعلن لن يقف عند حدود اللعب، والطريق نحو التأسيس للاحتواء الكُلّي وإعلاء النادي كمبدأ لا كطريق انتفاع سيكون العنوان الدائم مع الأصفر الجديد. وهذه مرحلة تغيير كُبرى يخضع لها النصر بكل ما فيه الآن، ومنهج يعمل على بناء ذهنية جماهيرية جديدة وخطاب مُصدّر للآخر لا ضعف فيه ولا خنوع، وفكر أكبر من كل الطروحات المحصورة لدى فئة انتفعت من تذبذب وغموض القاطن غرب العاصمة الرياض سنوات طوال، وكانت تُمنّي النفس باستمرار الضباب وغياب الرؤية.
إن الطريق المُضاء بالنصر أجمل بكثير من ذلك المُحتكر من أشخاص المُعتِم بهم الضائع من أفكارهم الخائف من صورته المنعكسة للناس. ينطلق النصراوي في هذه الأيّام دون أن يحسب حساب ضعيف أو لئيم أو حاقد حتّى. ويستمر ليبني منشأته المتينة البعيدة عن كُل صاحب هوى أو طامع أو لصّ مختبئ في الزوايا والأدراج.
لن يستطيع أحد أن يكسر الأصفر، ولن تكون هناك مساحة لحركة الدراويش، ولا مجال لوجود المتلوّنين، ولا حتى لمن توهموا بأنهم “هوامير” في “تويتر” يرفعون من شأنه حين تُفتح لهم الأبواب ويحطّون من قدره حين تغلق أمامهم المّمرات، لأن الجميع في هذا الوقت يرفع سيف النصر وعلى استعداد ومقدرة لقطع أيادي العابثين.
زمنٌ نظيف هذا الذي يحيا فيه النصر، ومدىً لا حدود له، ورجال وضعوا نصرهم قبل غاياتهم وآمنوا بأن الكبير المؤسّس في العام 1955م يستحق أن يكون وقورًا وصادقًا مع ذاته.. رافعًا رأسه.. حاملًا رايته.. ممتطيًا حصانه.. داخلًا معركته بأسلحته المكوّنة من عقله وسواعده المصنوعة في داره لا دار الغُرباء وباعة السوق.. المُمتدّ طولًا.. الكبير. هو الكبير.