|


تركي السهلي
نصر شجاع
2021-10-23
تحيّة كبيرة للنصر الشجاع. عجيب أمر هذا الأصفر الذي ما أن يلتقيه مُبارز إلاّ ويبدو بعيدًا عنه.. بعيد جدًا، حتى ولو توهم الكبر بعد فوز، كلّهم أدنى منه بكثير، مواجهته، فقط مواجهته تمنحهم شرف لا يدانيه شرف.
هذه حقيقة وليست مواساة لعشّاق العالمي، إنّها أمثلة شاهدة على مرّ الأزمان وفي كل المعارك، ليس لهم نور بدونه ولا معنى لوجوههم إن لم تلفحها شمسه وتمنحها الضياء، ضِعافٌ في غيابه ولا ساحة لهم ولا سيوف، إنهم في حال قصر وإن حاولوا مدّ طولهم المحدود بجانبه. سيظل أطول عنقًا وأعلى هامة وهم إن ساروا بمحاذاته تكتمل أجسادهم. الله كم منحهم هذا المُشعّ المعنى للوجود وكم أعطاهم فرصة لأن يكبروا قليلًا.. وإن استكبروا لاحقًا.
الصافرة التي أنهت مباراة النصر مع الهلال في نصف نهائي أندية آسيا الأبطال كانت بمثابة رقصة رحيق للزرق. كانوا مثل نبت تركه الماء في الصحراء، قفزًا وهذيانًا يثبت الأزمة الطويلة. الفكرة القديمة الساكنة عقولهم. هو الأوّل الأكبر.. يتطاولون حينما يبدو مريضًا ويرعبهم حينما يتعافى، يعلمون أنه قويٌ حتى وهو يتوعك، وجبّار وهو صامت. عقدتهم الأزليّة وقائدهم المُهاب.
نعود إلى معركة “الوجود” الهلالية المنتهية بصافرة أسترالية وكيف تلقوها وتعاملوا معها وكيف أنهم بدوا أنهم وصلوا إلى حالة الخلاص الأبدي، وضعوا صورة الحوت ولم يضعوا شعار “الهلال”، ركزوا الراية الجديدة في المنتصف وحققوا رغبة “الأطراف”، إنها رمزية “مؤقتة” جدًا.. لكنه عذاب السنين.
كم من مرّة مات الهلال وأحياه النصر، كم من يوم لبس الأزرق لباس الفارس ثم عاد للغرف الصغيرة.. بلا حساب. كم وكم، ثم يرقصون، إنهم في كل مرّة يرقصون لأنهم لا يملكون كلامًا ولا أحرفًا ولا عناوين ولا قدرة على خط. لا يملكون سوى التوجيه بالغرس لأنهم لا يقطفون، ليس لهم أيادٍ تُجيد الوزن ولا النثر على الأرض، كل ما يستطيعون فعله.. تحريك الأقدام والابتسامات الجامدة.
كًلنا يعلم سر إعلان النهايات المزعومة كًل مرة، نعرفهم جيدًا، يحاولون قتله “وهمًا” لكنّه الروح التي لا ابتعاد لها. قريبة أنفاس النصر من غريمة، يشعر بها تسم وجهه وتحرق فرحه المزعوم، وتترك الأثر نارًا في الأكباد، لقد كان المولود قبلهم رمزًا أبديًا ووهجًا يجذبهم، كانوا ولا زالوا في محاكاته.. لن يتركهم وإن غاب.