ـ عندما قررت السفر بعد عام كامل امتنعت فيه عن السفر، وجدت أنني لا أريد ترك المكان، وصارت خطواتي ثقيلة وأنا أحمل حقيبتي إلى السيارة متجهًا للمطار، كنت أعلم بأن الذهاب بعيدًا عن العائلة هو الوقت الأقل قيمة، هذا ما استنتجته من مئات الرحلات، نظرت إلى الشجرة والنباتات الصغيرة، شعرت بأنني أترك عالمي الحقيقي، العالم الذي لم أبْنِه، أو كان يبني نفسه دون أن أنتبه، شعرت بالامتنان للفشل على كل العوالم التي فشلت في بنائها بعيدًا، فالعالم الحقيقي هو العالم المتداخل بالعائلة ولا غير العائلة.
ـ يبدو أن البقاء بعيدًا عن زحمة المطارات والكثافة السكانية للمدن ينسيك حقيقة مهمة، أنك في نهاية الأمر تشبه بطريقة ما كل هؤلاء الناس الذين تمر أو يمرون بجانبك، فجميعهم يحمل قصته المهمة بالنسبة له، غاياته الملّحة، وقد يبدو بعضها بسيطًا بالنسبة لك، لكنها كل شيء بالنسبة إليه، عمّال غايتهم أن يرسلوا مالًا لأسرهم البعيدة، موظفون مرهقون في استراحة العمل وبدا على وجوههم التعب، نظراتهم التي اكتشفت أن الحقيقة لم تكن تشبه خيال ما قبل الرحلة، وأنا كنت أشبههم، كل بطريقته وسيناريو حكايته، نحن جميعًا باختلاف مواقعنا.. بسطاء جدًا.
ـ تعبت وأنا أبحث عن عنوان محل العطور، مشيت حوالي ثلاثة كيلو مترات، وشتمت خريطة جوجل عدة مرات، فقد كانت تشير لي بالاتجاه عكس العنوان دائمًا، بعد أن تعبت نظرت نحو الخريطة واعتذرت منها قائلًا: أنا من لا يعرف استخدامك، فأنا يا خريطتي المظلومة من صاروا على الممر، ممر بين جيلين، الأول لا يعرف استخدام التقنية، والآخر لا يعرف غيرها. عندما وصلت للمحل كنت متعبًا ومحبطًا، بعد دقائق قليلة دخل رجل فقير، وأخرج من داخل فمه صوتًا غريبًا لا يدل على بنيته، أخرجت ورقة من فئة العشرين وطلبت من صاحب المحل أن يعطيني ورقتين من فئة العشرة، اعتذر صاحب المحل، فأخرج (الشحاذ) مجموعة من الأوراق النقدية ومد يده بورقة من فئة العشرة، ضحكت حد الدموع واحتضنته، ونسيت تعب ضياعي في الطريق.
ـ بعد عودتي من السفر، ذهبت للمقهى الذي اعتدت الجلوس فيه، وعند انتظاري لتحضير القهوة كنت أفكر في عدة أشياء في وقت واحد، عمليًا لم أكن أفكر، بل كنت أعبث بعقلي، ما حدث وجعله صافيًا ورقق من مشاعري هو رفض عامل المقهى أخذ النقود مقابل القهوة قائلًا: أهلًا بعودتك. عندما جلست وددت لو أنه جاء ليجلس معي دقيقة، لأحاول أن أشرح له عن ما فعله تصرفه بداخلي. نحن لا نحتاج إلى أكثر من لمسات، لا يحتاج الناس الخبز بقدر ما يحتاجون إلى كلمات تقفز بهم إلى الجانب الجميل والواسع من الحياة.. كلمات.
ـ يبدو أن البقاء بعيدًا عن زحمة المطارات والكثافة السكانية للمدن ينسيك حقيقة مهمة، أنك في نهاية الأمر تشبه بطريقة ما كل هؤلاء الناس الذين تمر أو يمرون بجانبك، فجميعهم يحمل قصته المهمة بالنسبة له، غاياته الملّحة، وقد يبدو بعضها بسيطًا بالنسبة لك، لكنها كل شيء بالنسبة إليه، عمّال غايتهم أن يرسلوا مالًا لأسرهم البعيدة، موظفون مرهقون في استراحة العمل وبدا على وجوههم التعب، نظراتهم التي اكتشفت أن الحقيقة لم تكن تشبه خيال ما قبل الرحلة، وأنا كنت أشبههم، كل بطريقته وسيناريو حكايته، نحن جميعًا باختلاف مواقعنا.. بسطاء جدًا.
ـ تعبت وأنا أبحث عن عنوان محل العطور، مشيت حوالي ثلاثة كيلو مترات، وشتمت خريطة جوجل عدة مرات، فقد كانت تشير لي بالاتجاه عكس العنوان دائمًا، بعد أن تعبت نظرت نحو الخريطة واعتذرت منها قائلًا: أنا من لا يعرف استخدامك، فأنا يا خريطتي المظلومة من صاروا على الممر، ممر بين جيلين، الأول لا يعرف استخدام التقنية، والآخر لا يعرف غيرها. عندما وصلت للمحل كنت متعبًا ومحبطًا، بعد دقائق قليلة دخل رجل فقير، وأخرج من داخل فمه صوتًا غريبًا لا يدل على بنيته، أخرجت ورقة من فئة العشرين وطلبت من صاحب المحل أن يعطيني ورقتين من فئة العشرة، اعتذر صاحب المحل، فأخرج (الشحاذ) مجموعة من الأوراق النقدية ومد يده بورقة من فئة العشرة، ضحكت حد الدموع واحتضنته، ونسيت تعب ضياعي في الطريق.
ـ بعد عودتي من السفر، ذهبت للمقهى الذي اعتدت الجلوس فيه، وعند انتظاري لتحضير القهوة كنت أفكر في عدة أشياء في وقت واحد، عمليًا لم أكن أفكر، بل كنت أعبث بعقلي، ما حدث وجعله صافيًا ورقق من مشاعري هو رفض عامل المقهى أخذ النقود مقابل القهوة قائلًا: أهلًا بعودتك. عندما جلست وددت لو أنه جاء ليجلس معي دقيقة، لأحاول أن أشرح له عن ما فعله تصرفه بداخلي. نحن لا نحتاج إلى أكثر من لمسات، لا يحتاج الناس الخبز بقدر ما يحتاجون إلى كلمات تقفز بهم إلى الجانب الجميل والواسع من الحياة.. كلمات.