- لو لم تضحك “غالية”، تلك التي هي “أكثر سحرًا من حصان يطير”!، لما كانت هذه الحكاية، أو لما كان فيها ما كان!. لكن ولأنّ “الصّحراء ستظلّ منفرجة على نحو تائه وغير محدود”، فقد كان لا بدّ من حكايةٍ لاهثة!. ولو لم يكن “عبد الله البصيّص” كاتبًا، لما كانت هذه الرّواية، أو لما كان فيها كل هذا الدّفق وكل تلك الحرارة، ولا كل ذلك العزف الخفيّ “هنالك عزف خفي في هذه الأصوات كلّها، طبيعي.. منساب”.
الفرق بين الحكاية والرواية هنا، وربما في كل رواية مشوّقة ومحبوكة، هو أنّ عزف الحكاية قد “لا يسير على إيقاع معيّن”، بينما عزف الرّواية لا بدّ له من أن يسير على إيقاع معيَّن!. شيء من فتنة الإبداع يكمن في هذا التّضاد المتُجاذب، مثل شهيق وزفير!. الحكاية قاع، الرّواية إيقاع!. “لا شيء يحدث مصادفة، كل حركة وسكنة مُدَبَّرَة ومن ورائها مقصد”!. وهذا ما كان في “طعم الذّئب”!. رواية “من تحتها تَوَهَّجَ الجمر بشكل يفتن بالتّأمّل”!. عمل أدبي فخم، مشغول بحرفيّة عالية، وبشاعريّة تُقطِّع القلب!.
-في الصّحراء، يُمكن للرّيح أنْ تعوي، مثلما يُمكِن للذّئب أنْ يعصف! وأنْ يتشكّل على هيئة إعصار!. في الصّحراء، حيث اجتماع الوحدة والظلام والخطر يُمكن لأيّ شيء أن يستبدل نفسه بأيّ شيء آخر ليستدلّ على وجهه ووجهته!.
- في رواية “طعم الذئب” لعبد الله البصيّص، الصّحراء تحكي، و”ذيبان” يحكي، والذّئب يحكي، والرّاوي يحكي!. يمكن إضافة الرّبابة والعجائز “وقد تزيد العجائز عليها من الأعاجيب ما يجعل الليالي تقصر بلهفة سمّارها”!. كما يُمكن إضافة الجِنّ والشجرة و “أم سالم” أيضًا!. بإمكانك الاستمرار في العَدّ: ضوء النّار يرسم ظلال كل شيء وأيّ شيء!. وما يفوت علينا من رسم الحطب المُشتعل، تستكمله الأحلام؛ سيّدَة الاستدراج!.
- سرعان ما سنكون “في” الحكاية وليس أمامها!. والعَذْبُ المُعذِّبُ في هذه الرّواية هو أنّ ما سنقرأهُ سنشاهدُه!. واحدة من الرّوايات التي تتكّئ على حِسّ سينمائي، وقد لُظِمَ خيط إبرتها مستفيدًا من تراكم الثّقافة البصريّة التي يرجع الفضل فيها للسّينما قدْر رجوعه للخيال الطفولي الخصب غير المروَّض!. ما سنقرأهُ سنشاهده، وما سنشاهدهُ لا ينتمي لهذا العالَم: ربابة حمراء، وذئب يتكلّم ويقول الشِّعر!.
- لا يهمّ أن تنتمي الحكايات للعالَم، المهم أنْ ينتمي العالَم إليها!. لماذا قيل إنّ الفنون جنون؟! ببساطة لأنّ الفنون والجنون يُمكّناننا من رؤية أشياء لم تحدث!. يُقدّمان ما يُقدّمان لنا بذات الحجّة: “إذا لم يُكلِّم أحدٌ ذئبًا مِنْ قَبل فهذا لا يعني أنّه لا يُوجَد ذئب يتكلّم”!.
- لفهم الصّحراء من أخمص أرنبها إلى قمّة ذئبها، تكفي الإنسان مغامرة وحيدة، مهما كانت صعوباتها ومشاقها ومخاطرها ومخاوفها ومتاهاتها. في النهاية تكفي مغامرة واحدة وحيدة، وهي قد تمتد لأيام.. أسبوع أو لأي زمن آخر أقصر أو أطول، لكنه في النهاية زمن ضمن العمر غالبًا، له بداية ونهاية. في الجانب البعيد، يُمكن لبحّار أنْ يفهم البحر في مغامرة مماثلة عبر زمن مماثل!.
أحيانًا، يكفي الاضطرار للاختباء في جُحر صغير.. ضَيِّق، لاستيعاب كم هي الدّنيا واسعة؛ وأطراف الأرض مترامية!.
لكن ماذا عن المرأة؟! “خمسة شهور ليست كافية لفهم المرأة، بل وليست الحياة كلّها كافية لفهمها،…، المرأة من تلك الأشياء التي.. فهمها يبطل سحرها”!.
بالرغم من ذلك يتشابهان، كلاهما: المرأة والصحراء، مخلوقات ملعونة فطنة، مُحَرِّضَة وضارية!.
- يا لجسارة الإبداع، “هذه القصّة لن تُصَدَّق، بل إنْ رواها شيخ قبيلة مُكَلَّل بالوقار فسيصبح أضحوكة”!. بالرغم من ذلك تَقَدَّمَ عبد الله البصيّص ورَوَى!. في كل مبدع شيء من طبع الذئاب، و”الذئب لا يكونُ ذئبًا إذا فكّر بصواب رأيه أو خطئه”!.
- ليس طعم الذّئب وحده ما يمكن تذوّقه في هذا العمل الأدبي الفخم، يمكن لك تذوّق “طعم حصان يركض وسيوف تتقارع” أيضًا!. لكن انتبه: كلمة (تَذَوّق) هنا تبدو مهذّبة بما يسمح بالخداع. هذه الرّواية تُقرأ نهشًا!.
- إضاءة:
كل ما هو بين قوسين؛ مقتطف من الرّواية. وغدًا بإذن الله مقتطفات أُخرى بعناوين قصيرة!.
الفرق بين الحكاية والرواية هنا، وربما في كل رواية مشوّقة ومحبوكة، هو أنّ عزف الحكاية قد “لا يسير على إيقاع معيّن”، بينما عزف الرّواية لا بدّ له من أن يسير على إيقاع معيَّن!. شيء من فتنة الإبداع يكمن في هذا التّضاد المتُجاذب، مثل شهيق وزفير!. الحكاية قاع، الرّواية إيقاع!. “لا شيء يحدث مصادفة، كل حركة وسكنة مُدَبَّرَة ومن ورائها مقصد”!. وهذا ما كان في “طعم الذّئب”!. رواية “من تحتها تَوَهَّجَ الجمر بشكل يفتن بالتّأمّل”!. عمل أدبي فخم، مشغول بحرفيّة عالية، وبشاعريّة تُقطِّع القلب!.
-في الصّحراء، يُمكن للرّيح أنْ تعوي، مثلما يُمكِن للذّئب أنْ يعصف! وأنْ يتشكّل على هيئة إعصار!. في الصّحراء، حيث اجتماع الوحدة والظلام والخطر يُمكن لأيّ شيء أن يستبدل نفسه بأيّ شيء آخر ليستدلّ على وجهه ووجهته!.
- في رواية “طعم الذئب” لعبد الله البصيّص، الصّحراء تحكي، و”ذيبان” يحكي، والذّئب يحكي، والرّاوي يحكي!. يمكن إضافة الرّبابة والعجائز “وقد تزيد العجائز عليها من الأعاجيب ما يجعل الليالي تقصر بلهفة سمّارها”!. كما يُمكن إضافة الجِنّ والشجرة و “أم سالم” أيضًا!. بإمكانك الاستمرار في العَدّ: ضوء النّار يرسم ظلال كل شيء وأيّ شيء!. وما يفوت علينا من رسم الحطب المُشتعل، تستكمله الأحلام؛ سيّدَة الاستدراج!.
- سرعان ما سنكون “في” الحكاية وليس أمامها!. والعَذْبُ المُعذِّبُ في هذه الرّواية هو أنّ ما سنقرأهُ سنشاهدُه!. واحدة من الرّوايات التي تتكّئ على حِسّ سينمائي، وقد لُظِمَ خيط إبرتها مستفيدًا من تراكم الثّقافة البصريّة التي يرجع الفضل فيها للسّينما قدْر رجوعه للخيال الطفولي الخصب غير المروَّض!. ما سنقرأهُ سنشاهده، وما سنشاهدهُ لا ينتمي لهذا العالَم: ربابة حمراء، وذئب يتكلّم ويقول الشِّعر!.
- لا يهمّ أن تنتمي الحكايات للعالَم، المهم أنْ ينتمي العالَم إليها!. لماذا قيل إنّ الفنون جنون؟! ببساطة لأنّ الفنون والجنون يُمكّناننا من رؤية أشياء لم تحدث!. يُقدّمان ما يُقدّمان لنا بذات الحجّة: “إذا لم يُكلِّم أحدٌ ذئبًا مِنْ قَبل فهذا لا يعني أنّه لا يُوجَد ذئب يتكلّم”!.
- لفهم الصّحراء من أخمص أرنبها إلى قمّة ذئبها، تكفي الإنسان مغامرة وحيدة، مهما كانت صعوباتها ومشاقها ومخاطرها ومخاوفها ومتاهاتها. في النهاية تكفي مغامرة واحدة وحيدة، وهي قد تمتد لأيام.. أسبوع أو لأي زمن آخر أقصر أو أطول، لكنه في النهاية زمن ضمن العمر غالبًا، له بداية ونهاية. في الجانب البعيد، يُمكن لبحّار أنْ يفهم البحر في مغامرة مماثلة عبر زمن مماثل!.
أحيانًا، يكفي الاضطرار للاختباء في جُحر صغير.. ضَيِّق، لاستيعاب كم هي الدّنيا واسعة؛ وأطراف الأرض مترامية!.
لكن ماذا عن المرأة؟! “خمسة شهور ليست كافية لفهم المرأة، بل وليست الحياة كلّها كافية لفهمها،…، المرأة من تلك الأشياء التي.. فهمها يبطل سحرها”!.
بالرغم من ذلك يتشابهان، كلاهما: المرأة والصحراء، مخلوقات ملعونة فطنة، مُحَرِّضَة وضارية!.
- يا لجسارة الإبداع، “هذه القصّة لن تُصَدَّق، بل إنْ رواها شيخ قبيلة مُكَلَّل بالوقار فسيصبح أضحوكة”!. بالرغم من ذلك تَقَدَّمَ عبد الله البصيّص ورَوَى!. في كل مبدع شيء من طبع الذئاب، و”الذئب لا يكونُ ذئبًا إذا فكّر بصواب رأيه أو خطئه”!.
- ليس طعم الذّئب وحده ما يمكن تذوّقه في هذا العمل الأدبي الفخم، يمكن لك تذوّق “طعم حصان يركض وسيوف تتقارع” أيضًا!. لكن انتبه: كلمة (تَذَوّق) هنا تبدو مهذّبة بما يسمح بالخداع. هذه الرّواية تُقرأ نهشًا!.
- إضاءة:
كل ما هو بين قوسين؛ مقتطف من الرّواية. وغدًا بإذن الله مقتطفات أُخرى بعناوين قصيرة!.