|


أحمد الحامد⁩
قعدة حلوة
2022-01-24
* مقال اليوم مما نشرته وكالات العالم من أخبار، مررت على بعضها سريعًا، وتوقفت عند بعضها قليلًا، أما ما سأكتب عنه، فهو ما استقرَّ في عقلي، وفتح أبواب الأسئلة.
في الهند أقيمت انتخابات في ولاية جوجرات، فتقدَّم سانتوش هالباتي، ورشَّح نفسه واعدًا السكان برفع مستوى معيشتهم، وتحقيق احتياجاتهم، وبعد ظهور النتائج شوهد سانتوش عند مقر فرز الأصوات يبكي بحرقة لعدم حصوله إلا على صوت واحد، كان صوته، وعندما شاهده بعض الناس يبكي، قالوا له: “ليس من اللائق أن تبكي بهذه الصورة، وعليك أن تتقبَّل النتائج، فهذه لعبة الانتخابات”. فأجابهم بأن بكاءه ليس بسبب خسارته، بل لأن أسرته، المكوَّنة من 12 فردًا، لم تصوِّت له، وقال: حتى أمي الحبيبة لم تعطني صوتها”! طرح عندي بكاء سانتوش هذه الأسئلة: إلى أي درجة نجهل حقيقة صورتنا عند الآخرين؟ وما حجم التقييم الخاطئ الذي نعطيه لأنفسنا سواء كان إيجابيًّا أو سلبيًّا؟ أعتقد أن سانتوش بعد تجربته هذه أمام فرصة كبيرة لإعادة تقييم نفسه من جديد، وسيواجه تحديًا كبيرًا، وهو أن يكون منطقيًّا أثناء هذا التقييم. المعضلة أن أغلبية الناس تعطي تقييمًا عاليًا لنفسها، وعندما يصدمها الواقع تلقي باللوم والتهم على غيرها، وأعتقد أن الأشخاص الذين يقيِّمون أنفسهم بحيادية وإنصاف لغيرهم، هم فنانون كبار، لأن تقليل الإنسان قدراته ظلم لذاته، كما أن التقييم العالي غير الحقيقي يضر. سبق وسمعت أحد رجال الأعمال وهو يعلِّق عن نجاح معظم أعماله بأن المسألة ليست في الذكاء، ولا في معرفة أسرار الأسواق، بقدر ما هي في معرفة التاجر قدراته الحقيقية، وأن بعض ما يبدو فرصًا كبيرة ما هي إلا أخطار كبيرة، لأنها أكبر من المقدرة.
* خبر رحيل المخرج بسام الملا كان مفاجئًا، وكانت التعليقات على الخبر أشبه بكلمات توديع، وقال معظم مَن علقوا: إن الملا واحد ممن شاركوا في صناعة ذكريات مرحلة من عمرهم، وأنهم سيتذكرونه طالما تذكروا تلك المرحلة. تعليق واحد هو الذي استوقفني، وكان من الفنان سامر المصري “عكيد باب الحارة”، الذي دخل في خلاف مع الملا، تسبَّب في ابتعاد سامر عن المسلسل، مع قطيعة استمرت سنوات: “على الرغم من كل شيء صار بيني وبينك، بس لما سمعت خبر وفاتك ما تذكرت إلا الأيام الحلوة اللي قضيناها سوا، يا ريت كنا تصالحنا قبل ما تتركنا وقعدنا على الأقل قعدة حلوة”. كلمات سامر جرس إنذار لكل إنسان في خلاف مع أحد أحبته، أو أصدقائه، بأن يتصالح معه الآن ودون تأخير ففي أي لحظة قد يفقده، حينها سيكون طعم الفقدان مختلفًا، لأنه سيكون مختلطًا بالندم.