|


طلال الحمود
قبة المجلس
2022-01-29
تواجه بعض الكيانات نظرة قاصرة نحو دورها في الإصلاح والتطوير، وعاش الشارع السعودي طويلًا رهن ما تنشره هذه الجهات عن نشاطها وما تبثه وسائل الإعلام، ما ساهم في الصورة الذهنية التي تشكلت عن مجلس الشورى مثلًا واستمرت حتى أدت إلى اعتقاد شريحة في المجتمع بأن هذا المكان أشبه باستراحة مخصصة للمسؤولين المتقاعدين الذين يهتمون بمراقبة أحوال الناس دون الخوض فيها أو محاولة إصلاحها!
وربما كان مصدر هذه النظرة نحو مجلس الشورى دعاة جلد الذات أو أصحاب الأهداف الرامية إلى إحباط المجتمع وتشويه صورة السعودية من الداخل، وربما يكون المجلس نفسه مصدرًا لنظرة السعوديين نحو عمله ودوره في منظومة الدولة، خاصة أن بعض الأخبار التي ينشرها القسم الإعلامي توحي بأنه يعمل ضد مصلحة المواطن البسيط ويهتم بقضايا لا قيمة لها قياسًا على حاجة بعض القطاعات الحكومية إلى تقديم خدمات أفضل للمواطنين في المجالات الصحية والاجتماعية، وربما اجتمعت الأسباب الثلاثة على مدى سنوات طويلة وشكلت هذه الصورة الباهتة والسمعة غير الجيدة عن المجلس لدى بعض الناس.
ومن خلال مركز الوثائق الوطنية وما يضمه من أرشيف كبير وشامل، يتضح أن مجلس الشورى ساهم في السنوات الأخيرة بتعديل مسار كثير من الجهات الخدمية، وتمكن من تقديم مشورات واتخاذ قرارات برهنت على أهمية دوره في كثير من الخطوات والإصلاحات التي أقرها مجلس الوزراء وباتت واقعًا ملموسًا، وربما كان هذا الدور لا يعجب بعض منتقدي المجلس الذين يطالبونه بممارسة الدور التشريعي والقضائي والتنفيذي واستعارة صلاحيات الجهات السيادية الأخرى، على حساب دوره الاستشاري الذي يشكل مكونًا مهمًا في عملية اتخاذ القرار السيادي.
ويتهم بعض الناس مجلس الشورى بأن قراراته غير نافذة، بينما لم يفطن هؤلاء إلى أن سنوات غياب التشريعات والأنظمة تسببت أيضًا بعدم تنفيذ قرارات صادرة من مجلس الوزراء، ما جعل مجهودات المجلس تغيب ويتراجع تأثيرها بسبب الفساد والمحسوبية في أداء المهام داخل بعض الوزارات والهيئات، ولعل حملات هيئة مكافحة الفساد تظهر مدى العقبات التي كان بإمكان أصغر موظف أن يضعها لتعطيل القرارات والحد من استفادة المواطن من إلزاميتها.
ويبدو أن مجلس الشورى بحاجة لبث جلساته ومنح الناس فرصة الاطلاع على ما يدور من مناقشات وآراء مختلفة، وعدم الاكتفاء بالبيانات الصحافية التي ما زالت تصاغ بطريقة لا تراعي تطور المجلس وحقيقة ما يدور في داخله، بعدما مكنته الرؤية الجديدة من صلاحياته النظامية.