|


محمد المسحل
صناعة الموهوب
2022-02-05
بالرغم من أن الموهوب يُصقل ولا يُصنع، تعمدت أن أعنون مقالتي بهذا العنوان، لأنني بالرغم من يقيني بأن الموهبة هي هدية من الله لذلك الموهوب، إلا أنني أعتقد جازمًا أن اكتشاف هذا الموهوب وصقله والاهتمام به ليستمر بالعطاء حتى ينتهي عطاؤه بالوقت الطبيعي والمتوقع، تُعد صناعة بلا شك.
الدول المتقدمة رياضيًا وأولمبيًا، توجد لديها آليات ثابتة ومستمرة ومتجددة تكتشف من خلالها الموهوبين في كل رياضة من الرياضات، ويشرف على هذه الآليات خبراء من نفس البلد وأحيانًا أجانب، يعملون على أساس واضح، ويحققون أهدافًا موضوعة لهم. ويحرصون على أن يكون هذا الموهوب الصغير، مدركًا ومثقفًا لما يكفي ليحفظ عقله وتفكيره وأخلاقياته ومواعيده ونومه وطعامه وعلاقاته الاجتماعية، قبل أن يتم صقله من الناحية الفنية، ولذلك تجده يقضي زمنًا طويلًا في رحلة عطائه لناديه ومنتخبات بلاده، إن نجا من الإصابة والحوادث العارضة.
أعرف نجومًا سعوديين، كنت أرى فيهم وأتوقع لهم مستقبلًا مبشرًا من العطاء، واختفوا فجأة بلا سابق إنذار، مثل النجم مصطفى بصاص وياسر الفهمي ويحيى دغريري وعبد الله السديري وعلي الزبيدي وغيرهم الكثير من النجوم الذين لم يعرفهم أغلب متابعي الشارع الرياضي!
وهناك أسماء ما زالت لا تجد الفرص الكاملة لتمثيل أنديتها مثل معتز هوساوي ومحمد آل فتيل وعبد الله الحافظ، وغيرهم الكثير، غالبًا بسبب وجود العنصر الأجنبي بشكل مكثف، وعدم وجود دوري رديف يعطيهم الفرصة للعب والاحتكاك والاحتفاظ بمستوى فني مناسب.
بالإضافة للسبب المذكور أعلاه، وفيما يخص كرة القدم تحديدًا، اختفاء هؤلاء النجوم عن المشهد بشكل كامل ووجود آخرين على الدكة أو في المدرجات بشكل مستمر، له مسببات، وهذه المسببات لن تخرج عن عملية تثقيف وتعليم الموهوب من صغره على الأساسيات الانضباطية والأخلاقية، أو/و آلية صقله والحفاظ عليه.
يوجد لدينا خلل واضح في سلسلة صناعة النجوم، تبدأ من الصغر، في مرحلة التربية الذهنية، مرورًا بمرحلة الصقل الفني، وانتهاءً بحماية هؤلاء النجوم في فترة بروزهم واحترافهم. ولن تُحل هذه المشكلة الكبيرة، التي ستؤثر بلا شك على حضور منتخباتنا الوطنية، إلا بمشروع متكامل لاكتشاف وصقل وحماية المواهب السعودية الرياضية، مثلما ذكرت أعلاه، ويكون هذا المشروع تحت إشراف نُخب أجنبية وسعودية، حققت نجاحات واضحة في هذا المجال، بالإضافة إلى إيجاد مسابقات ذات مستوى قوي لإعطاء المواهب السعودية الفرصة للعب، لكيلا يستسلموا للركون والابتعاد.