|


تركي السهلي
الانسلاخ الأصفر
2022-03-05
أكثر ما يعانيه النصر هو الانسلاخ. البُعد عن ذاته إلى الدرجة التي لم يعد يعرف فيها نفسه. قبل ثلاثة أعوام فقط بدأت رحلة الأصفر للتخلّص من كُل ما يرتبط به وتولّدت لديه حالة شديدة الغرابة في المنافسة وبناء الهوية ورميي ما يتعلّق به في بحر الأمواج المُتلاطمة.
في مواسم لا تزيد عن الأربعة مرّ على النادي العاصمي خمسة رؤساء ونحو عشرة مدربين وقُرابة الخمسين لاعبًا بين سعودي وغير ذلك. النصر حالة ضائعة بين البناء والثبات والسبب يعود إلى هدمه منه في موسم حقق فيه دوري بعد غياب ثلاثة مواسم عنه. مع بدء مشروع الدعم الجديد تم أخذ العالمي إلى منطقة ألَّا عودة والقطيعة مع الماضي، ومنذ ذلك الحين والنادي يلاحق تدمير مكوّناته.
لقد تم تفريغ النصر من أساسه وفكرته الأولى وكأنّ عليه أن يظهر في كل موسم على نحوٍ مغاير عن الذي قبله، وكأن الجماهير لن تهدأ إلَّا بعد أن يتتابع الموت وتتمثّل الضحية به.
إن الابتعاد الكبير الذي ذهب فيه النادي المؤسّس في العام 1955م لا أمل من وصول معه ولا راحة من كل هذا التلاطم الذي هو فيه إلاّ بالسكون والتفكير المصحوب بالنهج المختلف وإن لم يفعل النصراويين ذلك فسيستمرّون في مسح ذواتهم عن التأثير والبقاء في الذوبان أكثر.
لقد غاب النصر عن تركيبته بما يكفي وحان وقت العودة. ولا مجال إلَّا بزرع قادة يعون جيدًا أن العظيم لا بد وأن يبقى كذلك، وأن المرحلة المرتبكة يجب ألَّا تعود، وأن المفهوم الأوّل هو الباقي دومًا، وأن الأفكار الدخيلة والأشخاص الدخلاء لا باب لهم يدخلون منه إلى الأصفر مع إعلاء المنهج الأكبر والطريق الأوضح والسياسة الثابتة زمن المتغيّرات.
إنّ الواجب الآن يتلخّص في وجود قائد فني ولاعبين شرسين وخطاب متزن ومدرب مبتكر شغوف ورئيس لا يخشى ممّن حوله ولا من أي نصراوي، وفكرة واحدة يتحلّق حولها الجميع بما يكون شعلة لا تنطفئ ونار دفء لا برد معها ولا سعير.
إن العودة إلى الجذور للانطلاق منها أمر لا بد منه، والتطعيم بما لا يُخلّ بالمنظومة سلامة حقيقية والبُعد عن الاهتراء والفوضى مسير لا بد وإن يبدأ كما أن حالة العداء الداخلي مع كل خطوة على الجميع دفنها إلى الأبد. فليبدأ النصر في استنبات ركائز عميقة وإبراز قادة والمضي قُدمًا نحو الساحة الكبيرة التي عرفوا حدودها جيّدًا.. ثم القتال.