|


طلال الحمود
انهيار فيفا
2022-03-05
تفاجأ العالم خلال الأسبوع الماضي بحزمة عقوبات أصدرها الاتحاد الدولي لكرة القدم ضد الأندية والمنتخبات الروسية على خلفية قرار الحرب الروسية الأوكرانية، وتحول “فيفا” خلال أيام من درع فولاذي ضد السياسة وتدخلاتها إلى أداة تنفيذية لقرارات زعماء الناتو دون الالتفات إلى أخلاقيات “فيفا” التي باتت حبرًا على ورق.
ولفت الموقف الضعيف للاتحاد الدولي أنظار متابعي كرة القدم إلى عدم استقلاليته منذ فضائح الفساد الشهيرة، وباتت الشكوك تحوم حول ضغط حكومي خاصة وأن وزارة العدل الأمريكية ما زالت تحتفظ بكثير من أوراق الضغط على هذه المنظمة المتهمة بالفساد، وكثير ما تدخلت الوزارة في قرارات “فيفا” بشأن قوانين مكافحة الاحتكار التي كان مسؤولو الاتحاد الدولي يستمتعون بكسرها دون صعوبة.
وظهرت خلال أغسطس الماضي مؤشرات تبرهن أن إنفانتينو ورفاقه دخلوا في شراكة مع وزارة العدل الأمريكية بشكل أو بآخر، بعدما وافقت الأخيرة على الإفراج عن 200 مليون دولار جمعتها من التسويات التي تمت مع المتهمين بالفساد، وقامت بتحويلها إلى الجهات المتضررة من الرشوة، واللافت أن “فيفا” حصل على نصيب من مبالغ التسويات على الرغم من أنه لم يرفع أثر جرائم الرشوة التي ارتكبها طاقمه التنفيذي حتى الآن، ومنها عقود الاحتكار لحقوق البث التلفزيوني لمباريات كرة القدم.
قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم ضد روسيا تبرهن أنه لم يعد يمتلك قراره، وأنه ما زال أسيرًا للملفات السوداء التي تمتلكها سلطات التحقيق في أوروبا وأمريكا، وغالبًا هذا ما سهل صدور العقوبات القاسية ضد المنتخبات والأندية الروسية، على الرغم من أن ما حدث لأوكرانيا حدث للعراق وسوريا وأفغانستان ولم يتدخل حينها “فيفا”، لاعتبار أن معاييره الأخلاقية ترفض تدخل السياسة في شؤون كرة القدم.
الانكسار الذي أصاب الاتحاد الدولي يصب في مصلحة محاربيه الذين يحاولون الخروج عن سيطرته والعمل على منافسته من خلال تنظيم البطولات الكبرى تحت شعار الاتحاد الأوروبي وبرعاية الشركات والبنوك الأمريكية، تمهيدًا لأن تصبح كرة القدم حكرًا على الأندية والمنتخبات الأوروبية وإبعاد نظيراتها من إفريقيا وآسيا وربما أمريكا الجنوبية مع استثناء البرازيل والأرجنتين.
كرة القدم التي تحولت إلى صناعة متكاملة باتت تغري الباحثين عن تنمية استثماراتهم، وربما كانت أقصر الطرق للسيطرة على هذه السوق الضخمة تبدأ من التحكم بقرارات الاتحاد الدولي كما حدث الأسبوع الماضي، في انتظار أن يستمر انهيار هذه المنظمة مستقبلاً بتقديم مزيد من التنازلات للسياسيين على حساب الرياضيين.