|


د. عبد الرزاق أبوداود
ونفس وما سواها
2022-04-04
“ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها”.. صدق الله العظيم. “النفس” ذات تعريفات متباينة، فهي الروح أو الدم والجسد.. والحسد، هو نفس المعنى معكوسًا بصورة تامة.
النفس الأمارة بالسوء هي: النفس القائمة على الحقد والضغينة، واحتقار الآخر، وإشهار المشاعر السيئة نحوه، وقد يصل الأمر إلى المجاهرة بالكراهية والبغضاء الشديدة التي تؤذي مشاعر الآخرين!!
تتباين الثقافات حول ماهية “النفس”، وقال بعض العلماء إنها ذلك “النشاط” الذي يميز الكائن الحي، ويسيطر على حركاته. وفسرها آخرون بأنها القوة الخفية التي يحياها الإنسان “وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ..”.
“النفس” ذات صلة بطيبة القلب، ونقاء السريرة، والمعاملة، وهي كلمات طيبة من القلب، ومن أجمل صفات الإنسان، ويرتاح الناس غالبًا إلى ذوي القلوب الطيبة، ومعاملتهم بيسر ومحبة، على النقيض من التعامل مع ذوي القلوب السوداء الموحشة بالشكوك!
هناك عبارات “جميلة” عن “طيبة القلب”، فالطيبون يمنحون القلوب حولهم ثقة عالية، ولا يلمحون باللَون الأسود بالحياة، ويقتربون من الأرواح التي تمر بحياتهم حد الالتصاق والتماهي، ويتعلقون بالتفاصيل والخبايا وسلامة النية.
القلوب البيضاء لا تعرف “سوء الظن”، ولا ترتضي “الخيانة”، ولا مرارة “الغدر”.. يبادرون.. وينتهون بالنقاء والصفاء. يسكن الحنين حيزًا واسعًا من أعمارهم، ويسهمون في بث سنابل الفرح، وبشائر الخيرات، وترميم انكسارات القلوب الموجعة بالهموم.
يتحدثون بنبض النقاء والحب والحُلم، ويشعرونك بأنّهم اخترعوا الصفاء ليقيم على الأرض، وتبقى قلوبهم في طور “الطفولة” ونضرة النعيم، لا تكبر أعماقهم، ولا تتلوث أفكارهم.. وترتسم ملامح الطفولة بوجوههم، وأَعينهم مرآة صادقة لأعماقهم.
تقرأ في عيونهم ما تخفيه صدورهم.. لا يجيدون التخفي والمواربة، يرفضون ارتداء الأقنعة المتلونة، لا يخذلونك عند حاجتك، فهم أول من يدثِّرها ويسترها.
تلمحهم عند انكسارك، وهم أول من ينتشلك من أحزانك، ويمنحونك أنفسهم حال اختناقك، مشاعرهم طوق نجاة يلقونه إليك، أكنت ممّن يُحيط بهم كأصحاب القلوب البيضاء، فالتصق بهم في زمن القلوب المتلونة.
لتكن قلوبنا بيضاء حال الغروب. فالجمال بلا طيبة لا يساوي شيئًا. فأحلام ذوي القلوب البيضاء كالماء، وخيالهم باتساع السماء، سبيلهم التسامح والنسيان.
أهلًا رمضان “جنة المؤمنين على الأرض”، وكل عام وأنتم وبلادنا الحبيبة، وقيادتنا الرشيدة، وشعبنا الوفي، بخير وصحة وسعادة.