كان الأداء الذي يقدمه أحمد زكي، أثناء تجسيد شخصياته، أداءً مذهلًا، وكنت أشاهده وكأنني أشاهد شخصيةً، أتعرَّف عليها للمرة الأولى، خاصةً في أفلام “زوجة رجل مهم”، “البيه البواب”، والبريء”. كنت أتذكَّر شخصياته مدةً من الزمن، ولم أكن أتذكَّرها أبدًا على أنها أحمد زكي.
اليوم أتساءل: لماذا كان زكي يجيد أدواره بعبقرية تامَّة؟ الموهبة لا تكفي ليجيد الفنان أدواره ببراعة بشكل دائم، وما أكثر المواهب في جيله، خاصةً في بلد مثل مصر، لكنها أبدًا لم تصل إلى مستواه في الأداء، واستمراريته في النجاح، وأستثني هنا محمود عبد العزيز، الذي يعدُّ في نظري واحدًا من أعظم الممثلين في تاريخ السينما المصرية.
إذًا هناك شيءٌ آخر، يجب أن يرافق الموهبة، شيءٌ يبقيها متألقةً ومتطورةً، لذا وفي مراجعة سريعة لمسيرة أحمد زكي، وجدتُ أنه كان مهووسًا بالتمثيل، بل ومتفرِّغًا له تفرُّغًا تامًّا. زكي كان يتدرَّب على الأداء بالقدر الذي يجعله يتعايش بشكل كامل مع الشخصية، بكل تفاصيلها وجوانبها، قبل أن يبدأ تصويرها، بما في ذلك الحركة الجسدية، والملابس التي سيرتديها، كما أنه كان، لشغفه بالفن، يتدرَّب على أداء شخصيات لم يكن سيؤديها في أفلامه، ويقلِّد في يومياته طريقة زملائه وحركاتهم.
كان واضحًا أن التمثيل بالنسبة لزكي شغف حياته الأول والأخير، لا مصدرَ دخل له، ولن أفسِّر المستوى الذي وصل إليه بغير ذلك، وقد يُسمِّي بعضهم ما وصل إليه بـ “الشغف بالإخلاص”، وهي تسمية أعدُّها صادقةً.
في شهر رمضان تتغيَّر طبيعة يومي بتغيُّر توقيت العمل، وقد أعطاني هذا التغيير ساعات ليلية إضافية، مكَّنتني من متابعة بعض المحاضرات على يوتيوب، ثم وجدت نفسي أتابع أكاديميًّا بلجيكيًّا، يتحدث بلغة عربية فصيحة، ولهجة مصرية، تماشيًا مع الشخص الذي كان يحاوره باللهجة المصرية. أبهرتني لغته العربية، التي لا أجيدها مثله، وصدمتني معرفته بدهاليز اللهجة المصرية وخصوصياتها. ظهر وكأنه مصري لا بلجيكي! وبعد دقائق من الحوار، علمت أنه خصَّص عشر سنوات كاملة من حياته لتعلُّم اللغة العربية. لم يكن يفعل شيئًا سوى تعلُّمها حتى أجادها، وأي إجادة. ولأننا في شهر رمضان، ولأنني ولله الحمد صائمٌ، لاحظت، قبل الإفطار بساعتين، أنني أبحث في يوتيوب عن بعض الأكلات. أظنُّ أن بحثي جاء بتأثير خفي من المعدة، وقبل يومين وقعت عيني على مقاطع فيديو لشاب مختصٍّ بالبيتزا الإيطالية، كان يعدُّها بمهارة عجيبة، ويُحضِّر العجينة بطريقة، تجعله يتحكَّم بها وكأنها ورقةٌ بين يديه. أثناء حديثه، علمت أنه لم يفعل شيئًا آخر في حياته سوى تعلُّم إعداد البيتزا، حتى إنه كان يقضي نحو عشر ساعات يوميًّا في عالمها، بل ويعيش فيه حتى خارج ساعات عمله. قال: إن الأرض بالنسبة له دائرية، ليست لأنها دائرية، بل لأن البيتزا دائرية. جميع مَن ذكرتهم، أصبحوا متميزين، لأنهم تخصَّصوا فيما يحبون، ثم أخلصوا لهذا الحب الوحيد، وقد يفسِّر نجاحهم أسبابَ فشل كثير من الأشخاص، الذين يريدون فعل كل شيء، فلا يفعلون أي شيء.
اليوم أتساءل: لماذا كان زكي يجيد أدواره بعبقرية تامَّة؟ الموهبة لا تكفي ليجيد الفنان أدواره ببراعة بشكل دائم، وما أكثر المواهب في جيله، خاصةً في بلد مثل مصر، لكنها أبدًا لم تصل إلى مستواه في الأداء، واستمراريته في النجاح، وأستثني هنا محمود عبد العزيز، الذي يعدُّ في نظري واحدًا من أعظم الممثلين في تاريخ السينما المصرية.
إذًا هناك شيءٌ آخر، يجب أن يرافق الموهبة، شيءٌ يبقيها متألقةً ومتطورةً، لذا وفي مراجعة سريعة لمسيرة أحمد زكي، وجدتُ أنه كان مهووسًا بالتمثيل، بل ومتفرِّغًا له تفرُّغًا تامًّا. زكي كان يتدرَّب على الأداء بالقدر الذي يجعله يتعايش بشكل كامل مع الشخصية، بكل تفاصيلها وجوانبها، قبل أن يبدأ تصويرها، بما في ذلك الحركة الجسدية، والملابس التي سيرتديها، كما أنه كان، لشغفه بالفن، يتدرَّب على أداء شخصيات لم يكن سيؤديها في أفلامه، ويقلِّد في يومياته طريقة زملائه وحركاتهم.
كان واضحًا أن التمثيل بالنسبة لزكي شغف حياته الأول والأخير، لا مصدرَ دخل له، ولن أفسِّر المستوى الذي وصل إليه بغير ذلك، وقد يُسمِّي بعضهم ما وصل إليه بـ “الشغف بالإخلاص”، وهي تسمية أعدُّها صادقةً.
في شهر رمضان تتغيَّر طبيعة يومي بتغيُّر توقيت العمل، وقد أعطاني هذا التغيير ساعات ليلية إضافية، مكَّنتني من متابعة بعض المحاضرات على يوتيوب، ثم وجدت نفسي أتابع أكاديميًّا بلجيكيًّا، يتحدث بلغة عربية فصيحة، ولهجة مصرية، تماشيًا مع الشخص الذي كان يحاوره باللهجة المصرية. أبهرتني لغته العربية، التي لا أجيدها مثله، وصدمتني معرفته بدهاليز اللهجة المصرية وخصوصياتها. ظهر وكأنه مصري لا بلجيكي! وبعد دقائق من الحوار، علمت أنه خصَّص عشر سنوات كاملة من حياته لتعلُّم اللغة العربية. لم يكن يفعل شيئًا سوى تعلُّمها حتى أجادها، وأي إجادة. ولأننا في شهر رمضان، ولأنني ولله الحمد صائمٌ، لاحظت، قبل الإفطار بساعتين، أنني أبحث في يوتيوب عن بعض الأكلات. أظنُّ أن بحثي جاء بتأثير خفي من المعدة، وقبل يومين وقعت عيني على مقاطع فيديو لشاب مختصٍّ بالبيتزا الإيطالية، كان يعدُّها بمهارة عجيبة، ويُحضِّر العجينة بطريقة، تجعله يتحكَّم بها وكأنها ورقةٌ بين يديه. أثناء حديثه، علمت أنه لم يفعل شيئًا آخر في حياته سوى تعلُّم إعداد البيتزا، حتى إنه كان يقضي نحو عشر ساعات يوميًّا في عالمها، بل ويعيش فيه حتى خارج ساعات عمله. قال: إن الأرض بالنسبة له دائرية، ليست لأنها دائرية، بل لأن البيتزا دائرية. جميع مَن ذكرتهم، أصبحوا متميزين، لأنهم تخصَّصوا فيما يحبون، ثم أخلصوا لهذا الحب الوحيد، وقد يفسِّر نجاحهم أسبابَ فشل كثير من الأشخاص، الذين يريدون فعل كل شيء، فلا يفعلون أي شيء.