أحمد الحامد⁩
تواريخ مميزة
2022-04-29
توقفت عن وضع الخطط لما سأبدأ به بعد رأس كل سنة، أو عند بداية شهر رمضان، لأنني وبعد كل فشل في التنفيذ أدرك أن المسألة ليست بتسجيل الرغبة على الورق أو في دفتر النوايا عند كل تاريخ مميز، بل في التنفيذ مباشرة وبمجرد اتخاذ القرار، هذا ما نصحت به صديقي الشاب قبل بداية شهر رمضان عندما أعلن أنه سيتوقف عن التدخين مع بداية رمضان.
قلت له امتنع عن التدخين الآن وأترك التواريخ والمناسبات، حتى شعبان عبد الرحيم رحمه الله تهكم على فكرة التواريخ المميزة في إحدى مونولوجاته الطريفة: حبطل السجاير وأكون إنسان جديد… ومن أول يناير خلاص حشيل حديد! حاول الصديق أن يتهرب من الإجابة عندما سألته قبل أسبوع عن أحوال صدره، لكنه أجاب بأنه سيتوقف بعد العيد، وتعذر بأعذار أعرفها جيدًا، وقد أكون من المبتكرين السابقين لواحد منها، ثم سعل سعلة قلت له بعدها: يا سلام.. قول تاني! لن أطيل الكلام عن التدخين وأضراره لأنه من أكثر الأخطار التي تم التحذير منها، والكتابة عن أضراره صار موضوعًا وتحذيرًا قديمًا، لكن السؤال: لماذا يستمر الإنسان في ارتكاب الخطأ رغم معرفته بأنه خطأ بغض النظر عن نوع الخطر؟ من خلال تجربتي أقول بأنه الضعف، وطالما أن الخطر مؤجلٌ فلا بأس بالمزيد من الخطأ، السمنة مثلًا خطر كبير، ويعلم البدناء بأنهم في خطر، لكن الكثير منهم مستمرون على حالهم وعلى مبدأ: طالما أن الخطر مؤجلٌ فلا بأس. من خلال تجربة شخصية بالإضافة لتجارب أصدقاء وزملاء اتضح أن هناك رادعًا مؤثرًا لمثل حالات التمادي هو الخوف، يتوقف الإنسان عن فعل الخطأ عندما يخاف من العقوبة، توقفت عن التدخين عندما زادت الآلام في صدري، شعرت بالخوف وأن الحالة خطيرة فامتنعت عن التدخين، وامتنع أحد زملائي عندما شعر بالخوف من حديث الطبيب بعدما كشف على صدره، وقام أحد الزملاء بإنقاص وزنه 40 كيلو جرامًا عندما قال له الطبيب بأن زياراته القادمة ستكون لقسم أمراض الضغط و السكر. الخوف حل من الحلول في بعض الأحيان مع الذين يجدون فسحة للتمادي، كان أحد الأصدقاء مسرفًا في ماله، يشتري لنفسه كماليات غالية الثمن مع أنه لا يمتلك إلا راتبه، وضع إسرافه أسرته الصغيرة في مآزق وحرمان، ولم تجد زوجته حلًا سوى مغادرة البيت بعد تحذيرات امتدت سنوات، كان يحبها وخاف أن يخسرها للأبد، فتراجع عن سلوكه خوفًا من الانفصال. كنت وما زلت مقتنعًا أن للخوف نفعًا كبيرًا في ضبط السلوك، ولولا خوف الكثير من البشر من عقوبات القانون لظهر لنا قراصنة من كل اتجاه. أحد الزملاء الناجحين قال بأنه ممتنع عن التدخين ويمارس الرياضة حفاظًا على صحته لكيلا يموت مبكرًا فتتزوج زوجته من بعده وتتنعم بالميراث مع زوجها الجديد!