|


أحمد الحامد⁩
آلة وساعات عمل
2022-05-21
.. مهما تطورت الآلة إلا أنها لن تستطيع أن تسد مكان العقل البشري، ليس لأن العقل أذكى وقادر على ابتكار الحلول فقط، بل لأن الآلة بلا شعور، والشعور هو محرك هذا العالم وأسباب تطوره، في كل يوم أقرأ عن آلة جديدة كبديل عن الإنسان، وأن العديد من الوظائف سيغادرها البشر، وتحل الآلة كبديل لهم، قرأت عن آلة تعد البيتزا بشكل كامل.
بالأمس قرأت عن آلة جديدة ستشغل مكان معدّي القهوة، بإمكانها أن تعد القهوة بعناية مع المحافظة على نفس المعايير، أي أنك ستشرب نفس الطعم في كل مرة، وليس على مزاج الإنسان الذي يعدها في كل مرة بمعايير مختلفة حسب ظروفه، لا أظن بأنني سأكون واحدًا من زبائن المقهى الذي تعد الآلة قهوته، فنصف السبب الذي يجعلني أذهب للمقهى هو رؤية العاملين والحصول على ابتسامتهم.
يعتقد بعض التجار أن الآلة في مصلحة تجارتهم، كونها أقل تكلفة من رواتب الموظفين، ولأنها لا تشكو ولا تتغيّب عن العمل، لكنهم يتناسون أن الزبائن سيفضلون من يعتني بمشاعرهم من خلال ابتسامة وكلمة حلوة، وسيبحثون عمن يقدمها لهم، لا يفكر بعض التجار بمثل هذه التفاصيل، لكنها هي من تصنع الفارق وتكتب الاستمرار.
كانت الصين قد صنعت آلات كمقدمي برامج ونشرات إخبارية، قالت إن التجربة ناجحة، وأن مقدمي البرامج الإلكترونيين لا يخطؤون في القراءة، ولا يتغيبون عن العمل، ولا (يتميلحون) على الهواء، ولا إجازات لهم، حينها نظر نحوي المسؤول في الإذاعة وابتسم، كانت ابتسامته إشارة واضحة للبديل القادم، قال وهو يغادر المكتب: قرّبت.. مستعيرًا قربت التي تردد في باب الحارة، لم تمضِ ثلاثة أيام على الخبر الصيني والمذيعين الآلة حتى اتصل بي المسؤول طالبًا مني أن أكتب نصًا للإذاعة، لم أتردد بالرد: خل الآلة الصينية تكتبه لك.
.. صارت الدراسات التي تنشرها مراكز الأبحاث أكثر من الأخبار، كل يوم أقرأ دراسة أو أكثر، اكتشفت بأنني أصدق الدراسات التي توافق أهوائي، أما الدراسات التي تخالفها فأقول إنها دراسات أي كلام، مراكز بحث لا شغل ولا مشغلة، لكن الدراسة التالية هي عين الصواب، وخير ما توصلت له مراكز الأبحاث، بل هي فخر الدراسات.
تقول الدراسة إن عدد ساعات العمل الطويلة لا تعني إنتاجية جيدة، وأن تقليل ساعات العمل يصب في مصلحة العمل والموظفين، واستعانت بإحصائية لعدد ساعات العمل الأسبوعية في بعض دول العالم، جاءت هولندا وأستراليا وألمانيا والنمسا ضمن الدول الأقل ساعات في العمل بواقع 32 ـ 35 ساعة في الأسبوع، بينما جاءت ميانمار ومنغوليا كأكثر الدول في ساعات العمل 48 ساعة في الأسبوع، لا أعتقد بأنكم بحاجة لأن أذكر لكم الفارق بين صناعات الدول الأقل في ساعات العمل وبين الدول الأكثر. سأرسل لمديرنا هذه الدراسة.