|


محمد المسحل
«هذا أنت يا بابا؟»
2022-05-28
لكل مجتمع تقاليده وعاداته، وحدود مختلفة لما هو مقبول وما هو مرفوض. بل وتفسيرات مختلفة للعيب والحرام وغير ذلك. فهناك مجتمعات ترى أن تصرف من التصرفات، هو حق شخصي طبيعي، بينما ترى مجتمعات أخرى أن نفس هذا التصرف ما هو إلا أحد أوجه الانحلال والهبوط الأخلاقي.. والعكس صحيح.
وبالرغم من إدراكي الكبير لعامل العولمة الذي غزى العالم كله، والذي تسبب بتقريب الكثير من العادات ليصبح الكثير منها طبيعيًا بدرجات متقاربة لدى أغلب المجتمعات، إلا أنني لا زلت أجد صعوبة بأن أرى أبناءنا يحلقون ويقصون شعورهم بطرق غريبة ومقززة ومخزية، ولا تمت لمجتمعنا الحالي والماضي بِصِلة إطلاقًا.
والمصيبة أن هذه القصّات المقرّعة المقزّعة المجدّلة المجندلة، أصبح مثالها الأعلى لدينا، هم الكثير من لاعبينا المحترفين! الذين وللأسف جميعهم من أسر محترمة وخلفيات عائلية ترفض مثل هذه التصرفات جملة وتفصيلًا، ولا أعرف كيف يتحملون نظرة أهلهم ومجتمعهم وجماعتهم لهم، أغلبهم كان يتمنى في حياته مبلغًا أقل بكثير مما يحصل عليه الآن من ملايين (ما شاء الله)، والآن بعدما أغناهم الله، أول فعلهم هو التخلي عن كونهم مُثُلًا عُليا يقتدي بها ملايين الصغار والمراهقين.
ستكبرون على الكرة، أو ستكبر عليكم، وستتركونها، وستكوّنون أُسَرًا، وسيرزقكم الله بأبناء وبنات، سيبحثون في أرشيفكم ليروا كيف كان أباؤهم، وسيرون صوركم بتلك القصات المخجلة، وسيسألونكم: معقولة! هذا أنت يا بابا؟! وقتها ستتمنى أن هذا لم يحدث، وتتمنى لو هناك من يستطيع طمس هذه الصور إلى الأبد، وستفقد الكثير من القدرة على تربية أبنائك وبناتك، أو على الأقل، على منعهم من أن يظهروا في مجتمعهم مثلما كان يظهر أبوهم.
يتفق الكثيرون على أن مارادونا وميسي وبيليه، هم أشهر أساطير كرة القدم في العالم، وغيرهم الكثير من نجوم الرياضة العالمية، لم يصبحوا أساطيرًا ويصلوا لنجوميتهم العالمية بناءً على قصات شعر مقززة ومضحكة عرفوا بها، (بالرغم من أن أغلبهم من مجتمعات تسمح لهم بذلك لو فعلوه!) ولكنهم ومع ذلك كانوا في قمة تركيزهم على مواهبهم ووصلوا إلى ما وصلوا إليه من مستوى وجماهيرية بالعمل الجاد والاحترافية، ولا سيما النجم العالمي العربي المسلم محمد صلاح، الذي أصبح النجم الأول في الكرة الإنجليزية، بل والأوروبية! وآخر ما فكّر ويفكر فيه، هو قصة شعره.
صدقوني يا شباب الحرية الشخصية، والنجومية والشهرة الرياضية، لا علاقة لها بالانسلاخ عن عاداتكم وتقاليدكم وتعاليم ديننا وعروبتنا. فأرجوكم ارحموا أنفسكم وأهلكم وأسركم، وافتخروا بأنفسكم متمسكين بدينكم وعادات أهلكم.