|


محمد المسحل
بيوت الأبطال..
2022-06-18
لا يمكنك أن تجد بطلًا لم يُصنع كذلك في بيته منذ ولادته. ولا يمكن أن تجد موهبة في أي مجال، لم تُصقل وتُرعى في بيت سعى جاهدًا لحمايتها وإبرازها منذ الصغر. صحيح أن الموهبة هي هدية إلهية من الله سبحانه، ولكن إن لم يكن لها حماية ورعاية وصقل منذ اكتشافها، فستضمر وتختفي وسيكون استرجاعها ضربًا من المستحيل.
عندما ترى بطلًا يبكي خلال التتويج، فهو ببساطة يستذكر شريط ذكرياته منذ طفولته، منذ أن كانت أمه تحرص على تغذيته غذاء صحيًّا، وكان أبوه يشجعه ويدعمه ويحمي موهبته، ومنذ كان إخوته وأصدقاؤه يشجعونه ويؤمنون به، مرورًا بأسرته ومدربيه وكل من صبر عليه وآمن بقدراته. فهذه المراحل، هي جزء مهم من تفاصيل حياة البطل، وهي سلسلة مترابطة تنتهي بالإنجاز، بحيث لو انفصل أي من حلقاتها، لما وقف بطلًا على منصة التتويج.. ليبكي فرحًا وامتنانًا.
صحيح أن الموهبة قد تُصنع أو تُزرع في الطفل من صغره في حالات نادرة، ولكن في الغالب، الموهبة تأتي مع الطفل يوم ولادته. ولكن الأكيد أن البطولات والإنجازات لا تأتي بمجرد وجود الموهبة، ولا هي التي تأتي صُدفة على الإطلاق! ولذلك، يجب أن ننتبه بأن مراحل اكتشاف الموهبة، تبدأ من البيت، بداية من الأم ثم الأب، وبقية أفراد الأسرة، ثم من المدرسة وبقية أجزاء المجتمع المتخصص، مثل الجهات الصحية والأندية الرياضية ومؤسسات رعاية المواهب، وغير ذلك.
كثير من الأطفال الموهوبين، الذين ولدوا في بيوت غير سعيدة، يغشاها الجهل والعنف وعدم الاستقرار، أو أن يكون أحد والديهم (أو كلاهما) غير مؤمن بموهبة هذا الطفل لأسباب مختلفة، لا ترى موهبتهم النور. ومهما كانت رعايتهم الأسرية جيدة، قد لا ترى مواهبهم النور إن لم يجدوا الاهتمام الطبي اللازم والمستمر في البيت والمدرسة. وبمناسبة المتابعة الطبية، حاولت مرارًا أن أعرف سبب عدم وجود عيادة طبية صغيرة، في كل مدرسة، تنحصر مهامها في ثلاث أمور رئيسة:
- عمل مسح طبي ممنهج لجميع الطلاب والطالبات.
- تحويل الحالات الناشئة للجهات الطبية التخصصية مبكرًا.
- مباشرة الحالات الطارئة.
قد نتذكر عندما كنّا تلاميذ صغارًا، عندما كان يغضب بعض المعلمين من بعض التلاميذ، ويسألونهم (بعد حذفهم بطبشورة):
يا ولد؟ أنت ما تسمع؟ أو يا ولد أنت أعمى ما تشوف؟ أو أنت ما تفهم؟! قد يتفاجأ هؤلاء المعلمين وقتها، بأن الإجابة قد تكون نعم، وأن هذا الطفل المسكين يعاني من مشكلة صحية تحتاج لعلاج عاجل.