أحمد الحامد⁩
أن نظل طفوليين
2022-06-24
منذ مدة وأنا أجمع كتب تطوير الذات، ملأت بها رفًا كاملًا، وفي الطريق لملء رف ثانٍ وثالث، أما السبب فلأنني وبعد أن بلغت الخمسين شعرت بحاجتي الشديدة للاستشارات التي رفضت الاستماع إليها طوال سنوات، خصوصًا في بدايات الشباب، تلك المرحلة التي اعتقدت فيها أنني ومع بعض التمارين الرياضية أستطيع هزيمة مايك تايسون.
الآن لا بأس في الاعتراف بحاجتي للاستشارات في الشؤون العامة للحياة، ومع أن الحياة معلّم عظيم، إلا أن الحياة كمعلم تريد طالبًا منتبهًا للدروس التي تعطيها، تريد منه ألا يبقى على نفس التفكير الذي لم يوصله إلى أهدافه، بل تريد منه أولًا أن يختار أهدافًا منطقية ومفيدة بغض النظر عن حجمها.
أعود لكتب تطوير الذات التي بدأت بقراءتها، فقد اكتشفت أن بها متعًا لم أكن أتوقع وجودها، كنت أظن أن متعة القراءة موجودة في الروايات والسيّر الذاتية وكتب التاريخ والتراث، لكن وبمجرد قراءة كتب تطوير الذات وجدت أن معظمها يعتمد على سرد القصص كأمثلة عن الحالة التي يريدون التركيز عليها، وبمجرد وجود القصص الشيّقة تضمن هذه الكتب النجاح، لأننا نحب سماع أو قراءة القصص.
مما قرأته كتاب (كيفما فكرت.. فكّر العكس) لبول آردن، والواقع أنه كتيّب أكثر من كونه كتابًا، وهذا لا يعيبه لأنه قليل الصفحات وسهل القراءة، وركز فيه بول على التوجه نحو الفكرة مباشرة دون اللف والدوران حولها، يكاد يكون الكتيّب عناوين وبعض الكلمات مع الكثير من الصور المعبرة.
حاول الكاتب أن يوصل فكرة العنوان المثير الذي يدعو للتساؤل: هل احتاج للتفكير بصورة عكسية عمّا كنت أفعله؟ وأظن أن الإجابة تعتمد على تقييمك الصحيح والمتجرد لواقع حالتك. أتصور أن قراة الكتيّب كاملًا لا تستغرق أكثر من نصف ساعة، إلا إذا تم التوقف في التفكير والتمعن فيما يقوله الكاتب.
شدتني الصفحة التي عنونها بعصر اللامنطق، يفسر فيها السبب الذي لا يحقق فيه لاعبو الجولف من الكبار في السن أي بطولات يشترك فيها الشباب (لاعبو الجولف القدماء لا يفوزون أبدًا، هذه ليست قاعدة مطلقة، لكنها عامة، لماذا؟ بوسع لاعب الجولف الأكبر سنًا، ضرب الكرة ليوصلها إلى حيث يوصلها اللاعب الشاب، يؤدي الضربة القوية بالكفاءة نفسها التي يؤدي بها الضربة الخفيفة، والأرجح أنه يتميّز بمعرفة أفضل بالملعب. فلماذا إذًا لا يسدد تلك الضربة الإضافية؟ لماذا يحرم نفسه الفوز؟ إنها التجربة. هو يعي الجانب السلبي، ما سيحدث إذا أخفق، وهذا يزيده حذرًا. اللاعب الفتي إما جاهل أو أن تهوره يسقط عنه حصانة الحذر. تلك هي ميزته. المثال ينطبق علينا جميعًا. المعرفة تجعلنا لاعبين حذرين. السرّ في أن نظل طفوليين).