|


محمد المسحل
عنصرية الألوان
2022-07-02
تحدثت وتحدث غيري كثيرًا عن مشكلة التعصب الرياضي، بين محبي كرة القدم تحديدًا، حتى سمعنا في الماضي البعيد والقريب عن الكثير من الجرائم والمآسي والجُنح والمشاكل العائلية التي تسبب بها التعصب الرياضي، وما زلنا حتى اليوم نسمع بقصص مؤسفة، بل وبمحتوى إعلامي على القنوات التلفزيونية وفي منصات التواصل الاجتماعي، تعطيك الانطباع أن كرة الثلج هذه لن تتوقف قريبًا أبدًا.
طبيعي جدًا أن تحظى رياضة تنافسية، بنصيب الأسد من الاهتمام الإعلامي والرسمي، وعلى مستوى العالم، بمثل هذا الزخم والاهتمام، خاصّةً أن الأمر أصبح له وزن وقيمة مالية ضخمة في سوق الإعلانات والرعايات، وأصبح له إرث فكري في عقول مشجعي الفرق الرياضية، يتراكم بشكل مستمر.
ولكن غير الطبيعي، أن يتحول حب الأندية وشعاراتها، إلى تصرف هيستيري، يؤدي بفاعلية بالتضحية بأمور وأولويات كثيرة، أهم بمراحل من هذا “الكيان” الرياضي الذي يستميتون دفاعًا عنه ليل نهار، لدرجة أن بعضهم تمادى حتى فقد سمعته أو أسرته وصحته، وأحيانًا يسقط في المحظور ليفقد حتّى حرّيّته.
والمشكلة الأكبر، أن الأصوات العاقلة، التي تسمي الأمور بأسمائها الصحيحة، وتتناول القضايا الرياضية المختلفة بمهنية عالية، وبإحساس كبير بالمسؤولية التي يتحملونها تجاه مجتمعهم، هي أصوات قليلة جدًا، تكاد تختفي في بحر متلاطم من الأصوات التي من شأنها زيادة الاحتقان بين الجماهير بل وبين أفراد البيت الواحد، حيث إن بعضهم يفعل ذلك طمعًا بزيادة المتابعين، وبعضهم يفعله تقربًا لمسؤول، وآخرين يفعلونه “حبًا للكيان” الذي لا يدري عن هذا الذي يستميت للدفاع عنه، حتى لو خسر كل شيء!
هناك دور توعوي مفقود، لا أعرف من من المفترض أن يقوم به، خاصةً أن أغلب المنابر الإعلامية الرياضية، أصبحت تابعة لمؤسسات إعلامية ربحية، وبالتالي فإن الطرح الإعلامي الذي من شأنه زيادة الزخم، مهما كان نوعه، هو الهدف الأول والأخير، وبالتالي لا تغيب المهنية (وأحيانًا الحقيقة) عن المشهد فحسب، ولكن يكون هناك احتضان ممنهج للكثير من الضيوف والتقارير التي لا تضيف شيئًا للعقلية الرياضية التي ننتظر وجودها لرفع مستوى التعامل مع الواقع الرياضي، ولتثقيف المشجع الرياضي، بمختلف شرائحه العمرية، بأن التنافس الرياضي، يجب ألاّ يتعدى حدود احترام حقوق الآخرين، بل واحترام أولويات الحياة الأخرى التي لا تستحق التهميش بسبب “كيان” ما درى عنك، لا هو، ولا رئيسه ولا لاعبوه، ولا إعلاميوه، ولا حتى باقي مشجعيه. وأقصى ما قد يلتفت لك، هو كاميرا لمنبر إعلامي، قررت استخدامه كمادة إعلامية، وحسب.