|


محمد المسحل
زرع.. وحصاد..
2022-07-16
العمل الرياضي بشكل عام، وخاصة في صناعة الرياضيين، سواءً في الفرق الرياضية أو في الألعاب الفردية، شبيه جدًا بالزراعة، حيث يتطلب الحصول على محصول معين، معالجة تربة وخصوبة وتسميد وحرث وغرس وسقاية وحماية وعناية مستمرة، من مختصين، حتى يتم إنتاج المحصول المُنتظر، الذي يمكن للآخرين أن يحكموا على جودته. وبالتالي، في حالة استحواذ مزارع جديدة على حقل تمت زراعتها من مزارع سابقة، فالحكم على جودة أو رداءة محصول هذا الحقل يجب أن يأخذ بالاعتبار أن النتيجة اشترك بها المزارعَان، الأول والثاني.
ولذلك، إن كان المحصول ذا جودة عالية، فالثناء من المنطقي أن يطال المزارع الأول، الذي قام بالإشراف على هذا الزرع بداية من تهيئة تربته مرورًا بغرسه والعناية به، ثم يمكن أن يطال الثناء من أكمل هذه العملية بنجاح. والعكس صحيح، لو كان مستوى الحصاد رديئًا، فيجب أن يتم انتقاد ومحاسبة المزارع الذي أشرف على هذا الزرع من بدايته، قبل أن نقوم بمحاسبة وانتقاد المزارع الذي أكمل العمل. فالزراعة عملية تراكمية متسلسلة، ومن الضروري أن يُعطى المزارع الوقت الكافي ليثبت نجاحه من عدمه بتقديم محصول ذي جودة. والوقت الكافي هذا هو موسم أو دورة زراعية كاملة، تُمكن المزارع من القيام بكل الخطوات الضرورية لإكمال مهمته، وليتحمل المسؤولية كاملة، وبلا أي معوقات أو ظروف غير طبيعية.
وشبيه بذلك، العمل الرياضي، سواءً في الأندية أو في الاتحادات (المنتخبات)، كثيرًا ما ترى نقدًا لاذعًا لإدارة نادٍ أو اتحاد رياضي، فور استلامها لمهمتها، وكأن نتاج هذا النادي أو الاتحاد من لاعبين تم صنعهم أو إعدادهم خلال يوم أو أسبوع أو شهر أو حتى سنة! متجاهلين المنطق الخاص بالعمل التراكمي المعروف لصناعة اللاعب وتكوين وتهيئة الفرق الرياضية المميزة.
والعكس هنا صحيح أيضًا، تجد من يغرق بالمدح والثناء على إدارة رياضية معينة، بعدما استلمت مهمتها بأسابيع أو حتى أشهر قليلة، متجاهلًا (جهلًا أو عمدًا) أن هذا اللاعب أو هذا الفريق خضع لسلسلة عمل تراكمية في السنوات التي سبقت، أدّت لوصول هذا اللاعب أو هذا الفريق أو هذا المنتخب للمستوى الذي وصل إليه الآن. والإدارة الجديدة قد تكون أفضل أو أسوأ، ولكن هذا أيضًا لا يتضح إلا بعد مرور الموسم (أو المواسم) أو الدورة الرياضية الكاملة، التي يمكن من خلالها تقييم عمل الإدارة، تمامًا كما هو مثال الزرع والحصاد، فلا يمكن أن ينفرد الحصاد بالثناء أو الذم، لزرع غيره.