|


محمد المسحل
للحقيقة باب واحد..
2022-08-20
عندما عظّم الله “الأمانة” في كتابه الحكيم، وذكر سبحانه كيف أن أعظم مخلوقاته، (السماوات والأرض والجبال) امتنعت وخافت من حملها، ثم حملها هذا الإنسان الظالم الجاهل، (إلا من رحم سبحانه)، كان يحذرنا سبحانه من عذاب شديد يترصّدنا إذا خُنّا هذه الأمانة، ولم نُعطها كامل حقها بالحفظ والصون والحماية والنُصرة.
وهذا ينسحب أيضًا على من يخون أمانة الكلمة، سواء لفظًا في مجلس أو منبر إعلامي، أو كتابةً في صحيفة أو تغريدة. طمعًا لرضى مسؤول أو طمعًا بمقابل معنوي أو مادّي. متناسيًا أن الله سخّر رقيبًا عتيدًا على كل لفظ أو رأي يُقال أو يُكتب، وتوعد الله أهل الزور والتسويف عذابًا عظيمًا.
حُب المال أو الشهرة أو حتى الولاء لشعار نادي أو لمنظومة رياضية، كل ذلك لا يشفع لمن يكذب لنُصرتها بمعلومات كاذبة وغير صحيحة، تجعل من صاحبها أُضحوكة عن ملأ الأرض، ومسخوطًا عليه في ملأ السماء.
إن أخون وأخطر من عرفهم التاريخ على الأوطان، هم هؤلاء الذين يكذبون على الناس ويشوهون الحقائق، بُغية الفوز بحفنة مالٍ، أو بتقرّب من مشهور أو مسؤول، معتقدين بأن ذلك يحميهم من انتقام الله قبل عباده، ومن احتقارهم من قِبل القريبين لهم قبل البعيدين. ناسين أو متناسين، أن المسؤول الذي يصفقون له كذبًا وزورًا، هو أول من سيرميهم في سلّة مهملات التاريخ.
نحن في زمن سنّ لنا فيه ولاة الأمر سُنة الصراحة والشفافية والحقيقة والنزاهة، في كل شيء، والمجتمع بكل أطيافه بدأ يتعود على ذلك، ويرفض كل ما يتنافى مع ذلك النهج الذي طالما أضلّ أغلب مؤسساتنا عن طريق الإنجاز والتقدم، ولا سيما مؤسساتنا الرياضية. مجتمعنا بشكل عام، والرياضي بشكلٍ خاص، أصبح جُله من الشباب والشابات القارئين والفاهمين (وليس الحافظين غير الفاهمين)، ويعرفون الفرق بين المعلومة الصحيحة والخاطئة، ويعرفون الفرق بين الإنجاز الحقيقي والوهمي، بل ويعرفون الفرق بين من يقول الحقيقة من باب الحرص على مصلحة وطنه، ومن يقول الزور من باب الحرص على مصلحته الشخصية.
فلم تعُد تنفع حملات منصات التواصل الاجتماعي لتضخيم إنجاز صغير، أو التقليل من فشل كبير، لأن المجتمع المتابع، هو مجتمع متعلم وذكي، ويقرأ التاريخ ويقيس الإنجازات بالأرقام وعدد الإنجازات، وليس بالتهويل وعدد الرتويتات. ولم تعد تنطلي عليه “حركات” الثمانيات والتسعينات.
نحن في عصر سيدي سلمان وسيدي محمد بن سلمان، حيث لم يعُد للحقيقة إلا باب واحد، هو باب الصدق والدقة والأمانة، وعن ذلك لن نحيد بإذن الله.