|


سعد المهدي
أما الزبد فيذهب جفاء
2022-09-03
بدأ الموسم الكروي والكل منهك، لم يكن صيفًا ساكنًا كل أيامه ولياليه أهدرت في مكاتب التقاضي ومنصات المرافعات، الكل كان في حالة استنفار، إما طرفًا أو داعمًا أو مراقبًا أو مستمعًا. دخل الخامس والعشرون من شهر أغسطس دون أن يستأذن أحًدا، ودارت عجلة الدوري الممتاز لكرة القدم “دوري روشن”، وبدأ العمل فمن يجني العنب، ومن يحصد الريح؟
على عشب الملاعب، مستوى العدالة يكون أعلى منه، في مكاتب اللجان ومراكز التحكيم، اللاعبون أكثر احترافية من الموظفين، وقواعد اللعبة أوضح تفسيرًا من اللوائح والقوانين، الملعب تحت النور، واللعب أمام العموم، الكل يمكنه أن يعرف لماذا انتصر أو خسر، ولا حاجة له بمتخصص، ولن يعنيه رأي متربص.
لولا ذلك لما كان لـ “لعبة كرة القدم” هذا الطغيان، هي أشهر من عجائب الدنيا، وأقوى حضورًا من مصائبها، وأوسع شبكة اتصال عالمية، وأقدر “عقارًا” يسيطر على المزاج، وأول جهاز لرسم خطوط القلب ارتفاعًا وهبوطًا بحسب حركة أقدام اللاعبين، نتائج المباريات وألقاب البطولات، الحبل السري الذي يربط بين النادي والمجد، بقية الحبال خيوط وهمية يمكن تجاوزها، أو تزول بالتقادم.
يمكن لك أن تترك نصيبك من اللغو لتستريح من تأنيب الضمير، ويمكن لمن لا ضمير له، أن يجرك إلى دائرة الشيطان التي تتسع، بترك بوابتها مفتوحة مدفوعة الأجر، مرفوعة القدر، لكن “كرة القدم” تجهل من لا تلامس أقدامهم العشب، ولا تهتم بصخبهم وصراخهم، تسخر من ادعاءاتهم، تفر إلى أصحاب القمصان المبلولة بالعرق، والأقدام المستقرة على الأرض، والعقول التي تحترم إرادتها.
وإذا كانت “الأخلاق تؤلف جزاء من ميدان العواطف وليس الفهم”، فإن عدم التحلي بها ينقص من العواطف، ويشوش على الفهم، إلا أنه، اللا أخلاق في الصراع التنافسي بات في تقدير المتلقي، أمرًا حاسمًا في الكسب، ومن ذلك فإن لا قبول لمن هم داخل الملعب أو خارجه، ما لم يحملوا الكثير من تلك الصفة في طرف زماني ومكاني، بحسب “أوصياء” المدرج والذي يوصله بدلًا عنهم نوابهم المرشحون، لبرلمانات ساحات الإعلام وتويتر.
دائمًا تنتهي الأمور بغير ما يتمناه، أو يعتقد هؤلاء أنه بمقدورهم صنعه، وعلى الدوام تخرج “كرة القدم” لسانها لهم، بانحيازها لمن يلعبها، ويحسن التعامل مع مزاجيتها وأهوائها، وأنها لا تخضع إلى الأوامر ولا الوصاية.