|


تركي السهلي
بناء نصراوي
2022-09-12
العمل الكبير ينطلق من خطط وسياسات، المنهج الثابت يحتاج إلى قوّة تنفيذ، تكوين فريق يذهب دائمًا نحو سلسلة من المهام التي لا تضعف وفي مُدد زمنية قد تطول.
فريق النصر لكرة القدم لديه مدير فني جديد ومعه مجموعته الفنية وعناصر حديثة داخلة إلى التشكيل ومن خلفهم إدارة عمرها لم يبلغ العامين بعد، والفريق الأصفر نفّذ حملة استقطاب كُبرى للاعبين محليين قبل نحو ثلاثين شهرًا، واختتمها بعبد الرحمن غريب قبل أسابيع. وصدّر الإعلام المُضاد فكرة أن الأصفر بات الأغنى والأقدر على الفوز بالبطولات، وحين عدم الوصول لذلك تنطلق حملة الاستهزاء والانتقاص والتشفّي ما جعل اللغة تتسرّب لجماهيره فيسكنها الشك والاستعجال.
في أعقاب مباراة النصر وضمك الأخيرة قال مدرّبه الفرنسي السيّد رودي جارسيّا إنّ الفريق في حالة بناء وإنّه سيكون قويًا بعد الاكتمال، وهو الحديث الذي ربما لم يكن الجمهور النصراوي يرغب في سماعه بعد ضجره من الكلام الكثير تجاه ناديه وطغيان مفردات الانتقاص منه.
ولدراسة الأوضاع والدلالة على البقاء في التكوين حتى تكتمل الحالة، فإنّ الهلال مثلًا قدّم جيله من سلمان الفرج وسالم الدوسري وعبد الله عطيف وظلّ لخمسة أعوام دون أن يحوز بطولة الدوري، وحين نضجت التجربة قطف خمسة دوريات وانتهت مرحلة “حسّ يا سالم”.
والوضع في النادي العاصمي يُفترض وصوله إلى الربع الأخير من مسيرة بنائه، وهذا ربما يحتاج إلى أكثر من عام ونصف حتى يتم إغلاق ملف الزمن وطمس خطاب التقليل ووصول الثقة إلى الأطراف كافة.
لقد عانى النصر من التعاقب الإداري أكثر من أي نادٍ آخر ولم تستقر الأمور فيه إلا بعد دخول الأمير خالد بن فهد إلى قائمة الأعضاء الذهبيين وتصدّره لملكية الأصوات بالنظر إلى ما ضخّه من مال قبل أن يُنصّب مسلّي آل معمّر رئيسًا لمجلس الإدارة.
إنّ ما ورثه النادي الأصفر كان أكثر ممّا ينطلق به، وإن حالته كانت تتطلّب رسمًا للجديد مع الخلاص من القديم وهو ظرف صعب ومُعقّد في وقت كان الآخرين في وضع استقرار وإداراتهم نابعة من عمقهم وأزمنتهم وصلت إلى دورتها الكاملة.
إن التبرير لن يفيد النصر كما أن الاستعجال لن ينفعه ولن يوجد له التضاد الداخلي إلا مزيدًا من الحرق للمراحل والاحتراق للذات، وفي هذا وذاك لا سبيل للنصر إلا بتقريب القطع من بعضها بعضًا والدأب الصامت حتى تتضح الصورة ويصل الزمن إلى اللحظة المُنتظرة.