|


صالح الخليف
المشكلة في الخبر
2022-09-16
نادرًا ما أذهب إلى دبي دون دخول مكتبة “كينو كوينا”.. مكان أخاذ محبب للنفس.. منتصبًا ومنتصفًا الدور الثالث في سوق دبي مول.. داخل المكتبة الضخمة هناك ممر طويل يحوي قرابة الألفي مجلة.. طبعًا الرقم تقريبي وليس تقديريًا لأنني سألت أحد العاملين وخمن بنفسه هذا العدد.. مجلات عربية وأجنبية وشرق آسيوية.. مجلات عن الأزياء والساعات والموضة والسيارات وكرة القدم والفن والسياسة والطبخ والصحة والتقنية وكل ما يدور في أذهان الناس.. وما زلت أسأل نفسي.. لِمَ كل هذه المجلات.. وأين الذين أرسلوا الصحافة الورقية إلى الترب والمقابر؟..
لولا أن سؤالًا أكثر أهمية يقفز إلى خيالي وأزعم بأنني أملك جزءًا من الإجابة ونصف الحقيقة.. ما السبب وراء صمود المجلات فيما تبدو شمس الصحف تتجه نحو المغيب..؟
وقراءتي للرد عن هذا السؤال تستوجب توجيه الاتهامات الجاهزة إلى “الخبر”.. فالناس تعتقد أن الصحف تتسلح بالأخبار ولا تحوي صفحاتها أى شيء آخر.. وفي زمن متسارع صارت فيه الأخبار لا تتثاءب ولا تنتظر الضوء ظن الظانون أن الصحف لم يعد فيها ما يستحق التعاطي.. لولا أن هذا كله كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء.. سراب يسكن أذهان من لا يعرف الصحف عز المعرفة.. الصحف لا تختلف عن محتوى المجلات إلى حد التطابق لكن الصحف بحكم أنها وسيلة إعلام يومية ترتكز على الأخبار فيما تتعاطى المجلة عادة مع كل الأنماط الصحفية باستثناء الخبر..
هذه الصورة المتجسدة للفوارق بين الصحف والمجلات جعلت الكفة تميل كثيرًا لمصلحة المجلة لأنها تستند على كل شيء باستثناء الأخبار، فهي تقدم القراءة المتعمقة لأحداث ما بعد الخبر، وتقدم الآراء والمقالات والحوارات والتقارير والاستطلاعات.. وهذه كلها موجودة على أوراق الصحف.. لا تتفوق المجلة من أجل الصمود سوى بتلك الفكرة المترسخة بالعقول على أن بضاعتها لا تصاب بالكساد في نهاية اليوم، وهذا ما جعلها أكثر قدرة على مقاومة تطبيقات السوشال ميديا وأذرعتها المتغلغلة في حياتنا ومع ذلك ما زال هناك أخبار استثنائية تؤكد على الدوام أن بعض الصحف تحتفظ بقدراتها في انتزاع الخبر الأكيد من قبضة الأسد.. وبين الصحف والمجلات لعلني لامست الإجابة الأقرب إلى الواقع الذي ربما نحتاج أحيانًا كثيرة إلى دخول أماكن مثل “كينو كوينا” لتنجلي الغمامة عن أعيننا وعقولنا..!!