|


فهد الغشيان.. عازف مقامات ملغومة

جدة - محمد البكيري 2022.11.21 | 12:25 am

اعتبر احترافه في الهلال والنصر: (أعفن من بعض)!
ولو عاد به الزمن لما لعب الكرة بالأندية دقيقة واحدة.
تألق في مونديال كأس العالم (1994م) بأمريكا. فأطلق عليه الصحافي المخضرم عادل عصام الدين لقب: (جارنشيا) العرب. تشبيهًا لموهبته الساحرة في المغامرة بنجم البرازيل الأسطوري في الخمسينيات. وقد يتشابهون حتى في النهايات.
أطلقت عليه الصحافة لقبه الذي اشتهر به: (الكونكورد) تشبيهًا بنحالة جسمه وسرعته، بالطائرة الفرنسية الأسطورية. لقد خرج الاثنان من الخدمة قبل السنوات.
ابن الخمسين عامًا الآن (مواليد 1973م) كان في عز توهجه الكروي يحمل (نوتاتين). واحدة يعزف بها مقامات كروية. والأخرى يعزف بها مقامات موسيقية.
التقيته أول مرة في (لوبي) الفندق الذي يقيم فيه المنتخب بالعاصمة الإماراتية أبوظبي. إبان بطولة (خليجي 12). دار أثناؤها. حديث كروي عام بيننا.
فجأة تحول إلى حديث همس. مال عليَّ برأسه ذي الملامح الطفولية، وهو يخرج من جيبه مبلغًا من المال: تقدر.. تدبر لي (عود).
ابتسمت مندهشًا: إنتا تدق عود؟ رد هو الابتسامة بأحسن منها. وقال بثقة: أدق عود في الملعب وبرا الملعب كمان. فضحكنا كطفلين معًا.
وسلمت له العود في ممرات مطبخ الفندق (تهريب) مشروطًا بالتقاط صورة انفرادية وهو يعزف به. كان ذا شخصية هادئة ومرحة. ولكن مغامر مزاجي.
ماذا بعد؟
لعب فهد صالح الغشيان. أجمل وأفضل سنوات مشواره الكروي مع الهلال والمنتخب ما بين عام (1992 إلى 1997م). مع الأزرق شكَّل ثنائيًا سحابيًا يمطر إبداعًا وألقابًا، مع زميله يوسف الثنيان. أما بقميص الأخضر، فقد تألق في التصفيات المؤهلة لكأس العالم وفي النهائيات عام (1994م). رغم محدودية مشاركاته. وحفر اسمه بين قائمتي هدافي المونديال والمنتخب السعودي في أول محفل عالمي يشارك به.
هدف وهو يغزل خطوط دفاعات السويد.. متوغلًا. رشيقًا. طاعنًا شباكهم طعنة انتحارية، بهدف لا ينسى. لقد اتخموا شباكنا بثلاثية.
ظل الغشيان بعد المونديال. يتعثر في بين حبليّ مزاجيته واللا انضباطية. لقد أوقفته إدارة الهلال عام 1995م، عن اللعب. بعد اكتشافها مغادرته دون إذن إلى المغرب برفقة زميله نجم الشباب حينها سعيد العويران.
لم يتوقف (الكونكورد) عن التحليق في سماءات الخطأ. متطلبات الكرة/ واجباتها. مما استنزف موهبته في سنوات، من المفترض أن تكون هي ذروتها!!
بعد أن ضاق جنوحه من أن تستوعبه ممرات ناديه. فوافقت إدارته سريعًا على طلب مدربهم السابق (هانجيم) بضمه لفريقه الهولندي (ألكمار) معارًا. ليسجل اسمه كثاني لاعب سعودي يحترف خارجيًا، بعد النجم فؤاد أنور. الذي احترف في الصين. لكنه عاد بعد (3) أشهر قصيرة.
فهد الغشيان كان يرى تلك الأشهر بـ(100) كرة محليًا. واصفًا الاحتراف المحلي بالمضحك. وتساءل التساؤل الذي لا زال يكرره بعض اللاعبين المحترفين: كيف نلعب بالمجان. في إشارة إلى تأخر الرواتب لعدة أشهر!!
بعد نادي ألكمار الهولندي. ارتدى عام (2000) قميص الغريم التقليدي (النصر) في صفقة قُوبلت ببرود داخل البيت الهلالي. ولم يتمكن الغشيان من مجاراة حرارة حفاوة النصراويين به. فقد تكررت المشكلة نفسها. لا احتراف حقيقي.. ولا انتظام في المرتبات الشهرية.
وما أشبه (جارنيشيا البرازيل. أفضل مراوغ أسطوري بالعالم. بـ(جارنيشيا العرب) أحد أفضل المراوغين العرب. فكلاهما كان صعوده صاروخيًا إلى سماء النجومية. كذلك هبوطهما لأرض النهايات غير الجميلة، كان بالصاروخية ذاتها!