|


محمد المسحل
القيادة والإنجاز
2022-11-25
نعم، المنتخب السعودي تفوَّق على نفسه، ثم تفوَّق على المنتخب الأرجنتيني، أهم المنتخبات المرشحة للفوز بكأس العالم 2022، ولهذا التفوُّق أسبابٌ توفرت، وجعلت من صقورنا الخضر شُعل نار تركض، وتتفانى في أرجاء الملعب، متناسين الضغوط والآلام وكل “البنوط العريضة” التي حاولت أن تثبط من عزائمهم.
بعد توفيق الله، كان السبب الأهم لهذه القفزة التاريخية كلماتٌ، سمعها كل لاعبي المنتخب وأجهزته الفنية والإدارية والطبية من سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، الذي حرص على اختبار مفردات لا يجيدها إلا القادة المحنَّكون، حيث نزع منهم جميعًا فتيل التوتر والخوف والشد العصبي، وقال لهم بكل هدوء: “لا تهتموا بالنتيجة، فقط العبوا لعبكم بكل راحة، وتمتّعوا ومتّعوا”. وما كان من صقور الخضر إلا أن قلبوا الطاولة على التاريخ، وليس فقط على السواد الأعظم ممَّن توقعوا نتيجةً عكسيةً للمباراة.
وامتدادًا للقائد الأول، سمو سيدي ولي العهد، هناك قائدٌ آخر، شغوفٌ بالرياضة، وله شخصيةٌ سمحة وواضحة، ومليئة بالاحترام والتقدير، ومتقدة بروح الشباب، ولكلماته أثرٌ بلسمي على مَن يسمعه، وهو وزير الرياضة، الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، الذي دخل الرياضة هاويًا مُحبًّا قبل أن يتحمَّل مسؤولية الرياضة في قارة فيها أكثر من 30 مليون إنسان، ومطلوبٌ منه أن يلبي لهم كل ما يحتاجون إليه في هذا المجال، وهي مهمة ليست بالسهلة إلا على أمثاله.
أما القائد الثالث، فهو أخي ياسر، الأصغر بسنِّه، والأكبر بإنجازه، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي مهما قلت عنه، ستكون شهادتي في حقه مجروحة، وليست ذات مصداقية عالية، لكن وليشهد عليَّ الله سبحانه وتعالى، هو من أعظم القادة الشباب الذين رأيتهم في السنوات العشر الأخيرة، وفيه من الصفات المهنية والشخصية والأخلاقية، ما يجعله أفضل مَن يقود منظومة كرة القدم السعودية، هذه الرياضة التي كانت الهمَّ والشغف الأول لياسر، فمنذ كان في الخامسة من عمره، وهو يهتمُّ بكل تفاصيلها، ناهيك عن طبيعته الهادئة في التعامل مع الأمور، سهلها وعويصها.
توافق مع كل ذلك، القائدُ المدربُ الداهية هيرڤي رينارد، ضالة المنتخب السعودي لكرة القدم في العقدين الأخيرين، الذي وصل بتعامله مع ظروف المنتخب لدرجة فوق الامتياز، وكأنه يمسك بيده جهاز تحكم PlayStation، إضافةً إلى إجادته توظيف واختيار باقي طاقم أجهزته، بما في ذلك اختياره قائد فريقه داخل الملعب، الكابتن القدير سلمان الفرج، الذي أتمنى له الشفاء العاجل والعودة بسرعة إلى خدمة منتخب الوطن.
اليوم، سيخوض الأخضر مباراته أمام المنتخب البولندي، ولن أتوقَّع نتيجتها، لكن “فاله التوفيق” بإذن الله.