|


حسن عبد القادر
كسرنا الحاجز وغادرنا
2022-12-01
مرحلة البناء والهدم في كرة القدم هي أسهل ما يمكن أن يفكر فيه أي ناقد للعبة.
سهل جدًّا تطالب بتغيير المدرب واللاعبين والأجهزة الإدارية، بعد كل إخفاق وتبدأ البحث عن غيرهم، لبدء مرحلة جديدة.
في كرة القدم غالبًا العمل يكون تراكميًّا والنجاح يتحقق مع تراكم الخبرات والتجارب وتلافي السلبيات وتعزيز الإيجابيات، وهو ما يسمى بالاستقرار على عناصر العمل المكون من أطراف إدارية وفنية، وأن يكون التغيير فيها حسب الظروف ووفق نطاق ضيق.
في مونديال قطر الذي ودعه منتخبنا أمس عادت أصوات الهدم للظهور مرة أخرى تطالب بتغيير كل شيء وبناء منتخب آخر.
أصحاب هذه المطالبات هم أكثر الأشخاص الذين يرون أن نجاحات الآخرين سببها الاستقرار. لذلك هم بشخصيتين مختلفتين أخرى تطالب بالهدم وثانية تدعم الاستقرار وهؤلاء لا يمكن الأخذ برأيهم.
أيام فقط فصلت بين أن رينارد مدرب عظيم ولاعبيه نجوم عالميون بعد الفوز على الأرجنتين، وبين أنه مدرب فاشل ولاعبوه فاشلون بعد الخسارة من المكسيك. هذه القناعات المتطرفة في الرأي هي التي لا يعتد بها، لأنها تتعامل بطريق “يا طخه أو اكسر مخه” ليس لديها حلول وسط، لذلك تبقى آراؤها مجرد كلام.
نتفق أن رينارد أخطأ في مباراة المكسيك في تبديل مراكز اللاعبين “وتفلسف” في طريقة لعب لم ينتهجها في لقاءيه الأولين أمام الأرجنتين وبولندا، وعندما نريد أن نسأله يكون نقاشنا معه في هذه الجزئية ونسمع منه مبرراته فقد يكون له رأي فني مختلف عن رؤيتنا، وهذا ما يجب أن يوضحه خاصة وأنه لا يزال مدربًا للأخضر لأربع سنوات قادمة.
الحقيقة التي خرجنا بها من البطولة هي أن حواجز الخوف من المنتخبات العالمية قد كسرت فبإمكانك أن تكسب أي منتخب أن تحضرت جيدًا واقتنعت بإمكاناتك واخترت أدواتك بشكل يتناسب مع كل مباراة.
الأخضر يكسب الأرجنتين. اليابان تكسب ألمانيا.
تونس تكسب فرنسا. ثلاثة منتخبات غير مرشحة قبل البطولة لتتجاوز حتى الدور الأول تنتصر على منتخبات حققت كأس العالم أكثر من مرة، وهذا تأكيد بأن الفوارق تقلصت وأن المستحيل ليس في قاموس كرة القدم وكل ما يحتاجه الفريق لكسر حاجز الخوف من المنتخبات الكبيرة هو أن يعمل وفق رؤية واضحة وثقة وفكر لاعبين يؤمنون بأنفسهم وقدراتهم. والأهم من كل ذلك ألا يكون لأصحاب نظريات الهدم والبناء دور في أي مرحلة من مراحل التجهيز للقادم.