|


تركي السهلي
حالة تعلّم
2022-12-12
في حالة التعلّم، عليك طرح الأسئلة، وتطبيق الإجابات. وأوّل ما نسأله الآن بعد خروج المنتخب السعودي من كأس العالم قطر 2022، هو لماذا لم ننجح في تجاوز بولندا والمكسيك، ونحن الذين هزمنا الأرجنتين، أحد المرشحين الكبار في نيل البطولة؟ ثم نطرح آخر ونقول: لماذا انتصرنا في المباراة الأولى وأخفقنا فيما تلاها؟
إنّنا لا يمكن أن نأخذ المسألة بتناول بسيط، وترك الموضوع في خانة اللوم على لاعب دون غيره، أو تخصيص المشكلة في أداء المدرّب، بل علينا الالتفات إلى قضايا أعمق في تشخيص وضع المنتخب السعودي الأوّل لكرة القدم، والتفكير على نحوِ مختلف في كيفية تكوين شخصية قوّية للاعب المواطن تظهر في المناسبات الكُبرى.
إنّ تعليم الصغار في المراحل الأولى على مواجهة الذات وصناعتها أمر قد ينجح معنا، وهذا أسلوب يحتاج إلى برامج موائمة تضع في الذهن الظروف الاجتماعية والمادية والأسريّة وبناء الأقران بطريقة متوافقة. وفي هذا، فإن الطريق يبدأ من رسم المناهج من قبل وزارة الرياضة، أو معهد إعداد القادة وأكاديمية مهد، وتزويد الأندية بالقوالب في المراحل السنيّة للتنفيذ. كُل ذلك يحدث بالطبع مع الطُرق الفنيّة التدريبية.
لقد أسّسنا العناصر الفنيّة والمنشآت في بعض المُدن كالرياض وجدّة والدمام، لكنّنا في حاجة للتوسّع في مكة المكرّمة وجازان والأحساء.
إنّ كأس العالم تُظهٍر لنا في كُلّ مرّة أنّ اللعبة الشعبية الأولى في الكُرة الأرضية تمزج بين النفسي والجسدي، وهي تعمل على تركيبة إنسان معجون بالظرف والتجربة، وقبل ذلك التنشئة وطموح العيش، كما أنّ المحاضن الدولية للممارسة تكاد تختصّ بها أوروبا عبر دوريات وأنديّة تمثّل الحُلم للمهاجر، وهذا ما يجب أن يكون دورينا ومسابقاتنا المحليّة عليه في أن تنتزع منه ولو حصّة صغيرة وتُصبح الملاذ لفرد المحيط الجغرافي القديم مثل أفريقيا والبلاد العربيّة.
إنّنا نشاهد منذ أكثر من عامين عملية كشف مواهب في المدارس يتخصّص بها نحو عشرة آلاف معلّم تربية بدنية، وهذا جيّد ومشروع رائع، لكنّ المشوار يحتاج إلى روح شغوفة ومطحونة بالإنجاز.
لقد انتهت تجربتنا في قطر بفشل فنّي ونجاح شعبي وجماهيري وهُويّة مُصدّرة للعالم بعد فوزنا على الأرجنتين، لكن الذين هزمناهم في المُقدّمة الآن، ومن انتصر علينا غادر الساحة مثلنا، والعِبر يجب أن تؤخذ على كامل التجربة لا على جزء منها.
فلنبدأ في تعليم صغارنا كيف للشخصية أن تنتصر، وكيف أن الفرد لا بد وأن يُصادق ذاته ويتكئ عليها.