|


رياض المسلم
اتركوا التعصب وشجعوا رونالدو
2023-01-01
يتباهى بنو هلال بالمقولة الشهيرة للصحافي التاريخي عثمان العمير “اتركوا التعصب وشجعوا الهلال”، التي أطلقها قبل ما يربو على 45 عامًا، إلى حد أنها قد تُخط في خزائن ذهب ناديهم، ولم تكن لدى مطلقها حساسية الكشف عن ميوله، ويرى أن ناديه هو الأفضل في ذلك الزمن، رغم أنه حقق إنجازات بعد المقولة تفوق عدد سنواتها، وكان من الصعب حينها على جماهير الأندية المنافسة أن يتركوا تشجيع أنديتهم بسبب عبارة قالها صحافي فرح بها مناصرو ناديه، لكنها لم تحرك ساكنًا في المعنيين، فكيف للعاشق أن يهجر معشوقته بسبب مقولة؟!
وتزامنت عبارة الصحافي القدير مع استقطاب ناديه للنجم البرازيلي روبرتو ريفيلينو الذي أقام الدنيا كرويًّا ولم يقعدها إلى اليوم الذي سبق إعلان النصر جلب البرتغالي كريستيانو رونالدو، ليسجل منعطفًا جديدًا في تاريخ التعاقدات مع اللاعبين الأجانب، ويمحو ما قبله، وبحسب ما يذكر ممن عاصروا تلك الحقبة التاريخية في نهاية السبعينيات الميلادية من القرن الماضي فإن قدوم ريفيلينو حرك مشاعر محبيّه من عشاق الأندية المنافسة وبدؤوا يتغزلون حتى في شنبه ويتناقلون أخباره في مجالسهم، فجذب الهلال إليه الأطفال حينها واستمروا على ميولهم حتى يومنا هذا وهم يبلغون الخمسين ربيعًا.
استعطاف الجماهير وتبديل ميولهم لا يكون من خلال مقولة يطلقها صحافي، أو بيت قصيد ينظمه شاعر، أو أغنية يرددها فنان، فكل ذلك يبقى قشورًا لا يصل إلى الأعماق ويحرك بوصلة المحبة.
أرقام رونالدو تقول إنه أعظم رياضي في العالم، فمتابعوه في وسائل التواصل الاجتماعي يقتربون من المليار شخص ولا يحتاج إلى شراء متابعين كون لديه فائض، وتعاقد النصر معه بعد خطفه من الهلال بحسب الرواية التي نقلتها صحيفة “الرياضية” في عددها بالأمس هو “المانشيت” الأكبر في صحف العالم، ومحركات البحث اتجهت إلى المملكة العربية السعودية ونادي النصر، ومحليًّا الأطفال يتهافتون على متاجر النادي الأصفر بحثًا عن الرقم 7 قبل اسم النادي، فهو يملك شعبية جارفة لا يوقفها حتى سد مأرب.
مكاسب كبيرة حققها وطننا الغالي من خلال تلك الصفقة التاريخية واستثمار القوى الناعمة لتحقيق التطلعات الكبرى، ولكن للأسف هناك من الصحافيين الرياضيين ممن قرأت تغريداتهم يتهكمون ويسخرون من قدوم النجم الكبير ممن أعماهم التعصب عن المنجز الرياضي والسياحي والاقتصادي والثقافي الذي سيحققه قدوم “الدون” إلى بلادنا.
مقولة عثمان العمير في ذلك الزمن لم تكن مقنعة أكثر من كونها استفزازية وغير واقعية، لكن لو استبدلها بـ”اتركوا التعصب وشجعوا رونالدو” لكانت أكثر نفعًا وجدوى.