|


رياض المسلم
الفن والصحافة بين الصراحة والوقاحة
2023-02-04
ليلة “صوت الأرض” صححت مفاهيم عدة في الوسط الفني، ولا أحتاج إلى صيغة المبالغة لإنصاف الحفل التاريخي، فكان فعلًا هو الحدث الأضخم موسيقيًّا في منطقة الشرق الأوسط، وأتعب كتّاب تاريخه فكانت نسبة الخطأ “صفرًا”، رغم أن مهندسه المستشار تركي آل الشيخ ظهر على المسرح مؤكدًا أن كل الأمور أعجبته عدا شيء واحد أزعجه وهو سيل المدائح التي تلقاها من كل شخص صعد على الخشبة، مبينًا أن الشكر يوجه إلى القيادة الرشيدة التي منحت الدعم الكامل والصلاحيات في كافة المجالات لحين أصبح الوطن الغالي معلمًا في سماء كل الأوطان.
أكثر من 200 صحافي حضروا لتغطية الليلة التاريخية وحقائبهم مليئة بالأسئلة لمحاصرة أكثر من 45 فنانًا وفنانةً ساروا سويًّا عبر ممر “الريد كاربيد”، علتهم الضحكة قبل أن يتراجعوا عنها مع أول سؤال من صحافي باحث عن الصراحة لكنه تخطاها ليلامس “الوقاحة” فينبش في ماضٍ منسيّ، أو يحيي ذكريات انتهت ليخرج بإثارة “غير منطقية” باحثًا عن عدد مشاهدات أو إعجابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيدخل مع الفنان أو الفنانة في شد وجذب، وبعد الانتهاء من اللقاء يطلب “صورة سيلفي” وكما يقال “يضربني في الزفة ويبوسني في اللفة”..
البحث عن الإثارة الصحافية مطلب، لكن لا يكون على طريقة الفيلم الخالد “البحث عن فضيحة”، فليلة “صوت الأرض” كانت تحمل الكثير من المحتوى المثريّ والمغريّ للمنتمين إلى وسائل الإعلام و”مقادير” الحفل التاريخي متاحة حتى “على سلم المسرح”..
البعض من الصحافيين شوّه جمال ورصانة مهنة المتاعب عندما أصبحوا هم من يصنع المتاعب والمشقة، ويدخلون أنفسهم ووسائلهم الإعلامية في نفق المطاردات القانونية..
والشق الثاني من الصحافيين تحولوا إلى “فانز” في قائمة نجومهم المفضلين، فتكون الصورة الشخصية مع النجم أو النجمة قبل توجيه السؤال، فهؤلاء ينتقصون من المهنة ويجعلون منها بضاعة رخيصة في سوق المهن وحسهم الصحافيّ ذاب وسط مشاعر حب النجوم وملاحقتهم، ولا أعرف ما الفرق بينهم وبين عشاق الفنانين، هل لأن معهم بطاقة إعلامية فقط؟!
القائمون على وسائل الإعلام عليهم مسؤولية متابعة ومراقبة ما يقوم به صحافيّوها في الميدان من أخطاء “كوارثيّة”، ففي النهاية هم يمثلون الوسيلة الإعلامية قبل أن يمثلوا أنفسهم..
دربوّهم قبل أن تطلقوهم، ومن ثم تابعوهم وحاسبوهم إن أخطؤوا.