|


أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2023-02-08
ـ تبرعات السعوديين لضحايا الزلزال الأشقاء في سوريا وتركيا ستصل لأرقام كبيرة، والتبرع عند السعوديين سلوك عام، يرونه واجبًا عليهم لأنهم يرون البذل واجبًا ولا منّة فيه، وحكاياتهم في العطاء ممتدة منذ القدم إلى يومنا هذا وكأن العطاء في جيناتهم، وهو كذلك في جيناتهم لأن الكرم صفة إنسانية، والسعوديون عبر تاريخهم في هذا الجانب جمعوا الشعور بالواجب وصفة الكرم.
ولو بحثت في أرشيف الصحافة السعودية والتلفزيون السعودي لن تجد مناسبة خارج المملكة تطلبت المساعدة لم يوجد فيها السعوديون وبكل كرم وسخاء. بارك الله في السعوديين قيادة وشعبًا وحفظ الله المملكة، وأعان الله أشقاءنا في سوريا وتركيا.
ـ في العالم الذي نعيش تنسينا مشاغلنا أن نتفكر، ومن لا يتفكر لا ينتبه، ومن لا ينتبه يغفل، وأقسى الغفلة هي الغفلة عمّا يحيطنا من نِعم، نعتادها وكأن دوامها مسلمات، نعتادها للدرجة التي لا نشعر بها وبقيمتها التي لا تُعوّض. لكن الإنسان في قطار الحياة على موعد مع محطات تذكير، محطات من مواقف وحوادث تزيل عنه الغشاوة التي صنعتها مشاغله واندفاعاته، حينها يعيد حساباته من جديد، فتتبدل الأولويات، وقد تسقط أوليات سابقة ولا تعود تساوي شيئًا. أكثر الناس حكمة وواقعية هو من يشعر بالنعم التي لا تحصى من حواليه، من يتفكر بها، ويحمد الله كثيرًا عليها، هذا هو من نظره شديد وعقله رشيد. في التجارة يقال بأن كل من استعاد رأسماله إنما يلعب بالمربح، وفي الحياة كل ما بعد الصحة إنما أرباح الأرباح.
ـ في أوروبا تكثر المحلات التي تبيع المستعمل؛ أواني وأطقم صحون قديمة، ملابس مستعملة وحقائب جلدية، لوحات زيتية ومائية، مكتبات صغيرة، أسطوانات أغانٍ وكتبًا قديمة، في هذه المحلات تجد كل ما يكون في البيت، وبعضها يكاد يكون جديدًا، خصوصًا أطقم الأواني والصحون، بل إن بعضها جديد لم يستعمل، وكأن مهمة سيدة البيت هي الحفاظ عليه طوال السنوات الطويلة لكي يُرسل جديدًا لمحل المستعمل. هذه المحلات لا تشتري ما تعرضه، بل تحصل عليه بالمجان على شكل تبرعات من أبناء أصحابها الذين على الأغلب غادروا الحياة. في أحد الكتب المعروضة وجد أحد الزبائن ورقة كانت عبارة عن رسالة كتبها أحدهم لزوجته قبل أكثر من أربعين عامًا: زوجتي الحبيبة… فكرت فيما مضى.. أي أبله أنا لكي أُتعس من وافقت أن تكون رفيقة حياتي؟ أي مجنون أنا لا يرى في عينيك كل آمالك في أن أكون شريكك في حياة هانئة يسودها الود، سامحيني على ما مضى من خذلان، وآمل أن تعجبك باقة الورد.