أحمد الحامد⁩
أوقاتنا الحلوة
2023-03-02
لولا أن نتقاسم الطرائف والنكات لأصبح العالم جافًا قاسيًا، ومهما كانت الجدية في الحياة مطلوبة، فإن لحظات الضحك هي طاقة الجديّة نفسها، يعمل الموظفون ساعات يوميًا، لكنهم يخطفون أنفسهم لتجمع أصدقاء من أجل الحصول على ضحكة، وهذا ما جعل الأشخاص المضحكين محبوبين، والواقع أنهم موهوبون، لكننا اعتدنا أن نقول عن المضحك بأنه خفيف دم أو (عيّار) ولم نعتد تسميته بالفنان، مع أنه فنان ومسرحه الحياة.
الكوميديا السوداء المنزوعة من صعوبة الواقع أكثر ما يعجبني، لأن صانعها استقوى على ظروفه، أو أنها ـ الكوميديا السوداء ـ صُنعت من تلقاء نفسها بسبب تناقضات معينة، أو اختلاف ثقافة المجتمعات، مما قرأته في أحد حسابات عمنا محمود السعدني على السوشل ميديا هذه الحكاية التي تجيب على: كيف تصنع هذه الكوميديا نفسها (في أحد كتب محمود السعدني في السجن. حكى عن بحار مصري اسمه اليانكي، وبحار ياباني اتمسكوا بمخدرات وأخدوا مؤبد. اليانكي قعد يقول أنا مش ممكن أعيش في السجن 25 سنة، الموت أحسن. الياباني اقتنع وفعلاً قاموا تاني يوم لقوا الياباني شنق نفسه في الزنزانة، أما المصري فقال: يا عم ده كان كلام، كنت بفضفض!). عن البطء في تلبية النداء تم تأليف النكتة التالية، وأعتقد أن البطيئين هم من أكثر المتسببين بالغبن لشركائهم، وأنا على استعداد أن أرافق شخصًا غريبًا لا أجيد التحدث بلغته، ولا يجيد التحدث بلغتي، ونتواصل بلغة الإشارة، ولا أرافق شخصًا بطيئًا، أما النكتة (شايب عنده ثلاث عصافير بالقفص، جا القطو وقلب القفص، الشايب نادى ولده.. يا سالم… يا سالم.. ما رد سالم. القطو أكل العصفور الأول، والشايب يصرخ.. يا سالم.. القطو بدا بالثاني، والشايب ينادي يا سالم.. إلى أن أكل القطو العصفور الثالث. وصل سالم وسأل أبوه: خير يبه.. تبي شي؟ قال الشايب: جيب سفن أب للقطو!). أبقى مع القطط، وهي شريك استراتيجي لنا في الحياة، وإن كانت هذه الاستراتيجية غير معلنة، لكن من ينتبه يجد أن القطط تتواجد أينما يتواجد الإنسان، وأعرف أشخاصًا كوّنوا صداقة عميقة مع قططهم، وأذكر في الطفولة أن ثلاث قطط ظنت أن بيتنا هو بيتها، ولم نكن نمانع، كنا نطعمها بقايا الأكل، ولأنها ظنت أن بيتنا هو بيتها، قامت بدعوة قط رابع، فأصبحت 4 قطط تتجول في (الحوش) وعلى سور المنزل، وتنام تحت كل ظل بارد. ولأنها ظنت أن بيتنا هو بيتها، صارت تفعل ما تريد، تقفز وتلعب وتتعارك، تشرب وتأكلت دون دعوة، للدرجة التي تتجمع معنا عند كل تجمع على غداء أو عشاء، ولأنها ظنت أن بيتنا هو بيتها، صارت تتجمع في المطبخ، ومع أنها كانت تفرّ عندما تكسر صحنًا أثناء بحثها عن الطعام، بسبب الصوت الصادر من الكسر، إلا أنها اكتشفت أنه مجرد صوت، وهذا ما جعلها تكسر دون خوف. طلبت والدتي من عمي أن يخلصها من القطط، وضعها في (خيشة) وقاد سيارته ما يقرب من 15 كيلومترًا، أما ما حدث بعد ذلك، فهو أقرب لما في النكتة التالية (واحد عنده قطو، كل ما يرميه في مكان بعيد يرجع له، رماه عند الجامع رجع، رماه عند مطعم رجع، رماه عند البحر رجع، الرجال عصّب وقرر يرميه بنص الصحراء، وداه نص الصحراء وتركه هناك، بعد ساعتين اتصل الرجال على زوجته وسألها: القطو رجع؟ قالت: إيه رجع وقاعد على السِلّم. قال: عطيه التلفون خليه يوصف لي الطريق!).