مع عودة العلاقات الثنائية بين نجمي الكوميديا عبد الله السدحان وناصر القصبي، عاد مسلسل طاش إلى الشاشة بعد غياب طويل دام لنحو 12 عامًا، بسبب حمى الخلافات الفنية التي أدت إلى انهيار أقوى التحالفات الفنية خليجيًّا وعربيًّا، ولم تجد حلقات الجزء التاسع عشر حتى الآن سمعة توازي تاريخ المسلسل وشعبيته الواسعة التي تخطت إطار المحلية إلى المشاهد العربي في أوروبا وأمريكا.
البداية التقليدية لنسخة طاش 2023 أصابت عشاق هذا المسلسل بخيبة الأمل، بعدما خالف ظهور القصبي والسدحان توقعات أنصارهما بعودة قوية وثورة في المضمون والشكل، ويبدو أن الحلقة الأولى اختزلت حال طاش العائد بأدواته القديمة من زمن بعيد، بحثًا عن مكانه على شاشة أصبحت ذكية وجمهور يصنفه تحت مسمى “زمن الطيبين”، كما كان جمهور طاش في التسعينيات يصنف مسلسلات “أبو مسامح”، وليس غريبًا أن يتفاجأ الثنائي المخضرم بردة الفعل وضياع صدى العودة، وسط ازدحام القنوات ومنصات المحتوى المدفوع بعشرات المسلسلات التي تخاطب المشاهد بلغة جديدة ومضمون مختلف بعيدًا عن كلاسيكية أبو زنيفر وتعابير وجه فؤاد وعنتريات طرطشلي.
عودة السدحان والقصبي جاءت على طريقة لم الشمل في الدراما الخليجية والعربية وفي سياق خطط الترميم التي نجحت في إصلاح العلاقة بين أشهر الثنائيات، قبل أن تفشل العودة في تقديم ما يضاف إلى الأعمال السابقة أو لتاريخ الثنائي باستثناء إحاطة المشاهد بنجاح مساعي رأب الصدع بين الطرفين، والتذكير بالشخصيات القديمة التي نالت إعجاب المتابعين، ولو عاد الزمان بكثير من الممثلين لما عادوا بالصورة نفسها والمضمون نفسه إلى الشاشة، بعدما اكتشفوا لاحقًا اختلاف الزمان والمكان ومعهما السكان.
انهيار تحالف عبد الحسين عبد الرضا وسعد الفرج، وأيضًا دريد لحام ونهاد قلعي وغيرهم، كان بداية النهاية لأجمل السنوات الفنية في مسيرتهم جميعًا، ولم يلتفت هؤلاء إلى أن ما يذهب لا يعود، إلا بعد أن خسروا جماهيرهم لصالح منافسين آخرين احتلوا الواجهة ونالوا النجومية نفسها حتى بات من الصعب أن ينافسهم منافس، وهذه حقيقة ربما تجعل من عودة طاش مجرد “ريمونتادا” على الورق، خاصة أنه اختار أن يعود من غيبته بالثوب الذي رحل فيه، ولم يضع في حسابه أنه لن ينافس بلا تجديد في الأفكار وتغيير في الشخصيات من شأنه نفض الغبار عن “جمس” عائلة طاش ليكون صالحًا للسير في شوارع المدن الذكية.