أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2023-04-07
قبل 50 عامًا أجرى المهندس الأمريكي مارتن كوبر أول اتصال عبر الهاتف الجوال، كان اختراعه حينها قفزة كبرى مهدت عالم اليوم، العالم الذي يدار بالهاتف الجوال، فلا أحد منا يستطيع واقعيًا أن يتخلى عن جواله، مهما حاول فعل ذلك، لأن صحفه ومجلاته وفواتيره ورسائله ومشترياته وخرائط سيارته كلها تمر عبر جواله.
لكن كوبر في اللقاء الذي أجراه مؤخرًا، وهو يبلغ الـ 94 عامًا، قال: “إنه مصدوم مما وصل إليه اختراعه، وأن الناس فقدوا عقولهم لأنهم أصبحوا يعبرون الشارع وهم ينظرون لهواتفهم المحمولة، وأن الناس ربما أصبحوا مدمنين!”، لا تحتاج أن تلطف الإدمان بـ(ربما) يا سيد كوبر، فالأغلبية فعلًا مدمنة، لكنه إدمان لا يعاقب عليه القانون، وأنت تعلم بأن اختراعك وصل إلى أبعد مما تخيل، والعالم مدين لك بهذا الاختراع الذي جعل العالم الذي نعيش أسهل، ولا لوم عليك بإدمان من أدمن على الجوال، فكل شيء له وجهان، حتى ألذ الأطعمة تصبح مضرّة إذا أكثرنا منها. وزن جوّال كوبر كان يزيد عن كيلو جرام، وبطاريته لا تصمد أكثر من 25 دقيقة في مكالمة متواصلة. نبقى ممتنين لكوبر وأمثاله، ممن قدموا للبشرية خدمات لا تقدر بثمن، عكس الذين ارتكبوا أخطاءً بحق البشرية، أخطاء تجاوزت كل ثمن.
يحصل أن تشاهد شخصًا يبلغ السبعين من عمره، لكنك تقدر عمره كخمسيني لا أكثر، لأن بشرته نظرة، ولا تجاعيد توحي إلى سنه المتقدم، ويحدث أن تشاهد رجلًا خمسينيًا وتقدر أن عمره في أواخر الستينيات، لكثرة التجاعيد في وجهه ويديه. آخر تقرير عن التجاعيد نشره موقع mind your body green يقول “إن هناك سببًا غير نقص الكولاجين المسبب للتجاعيد، وهو ارتفاع نسبة التوتر والقلق!”، وكنت قد قرأت سابقًا أن التوتر والقلق من أمراض العصر التي تأثر على صحة إنسان اليوم، المشكلة أن الشخص القلق والمتوتر لا يحصد شيئًا سوى قلة الراحة والوساوس، بالإضافة للتجاعيد حسب آخر تقرير! ومن خلال تجربتي مع نفسي على الأقل فإن التوتر والقلق من أسباب اتخاذ الإنسان لأسوأ قراراته، لأن القلق يربك العقل. أعرف أشخاصًا استطاعوا هزيمة التوتر والقلق، لأنهم أدركوا أن توترهم لن يحل شيئًا من مشاكلهم، لذلك كانوا الأكثر مرحًا، والأكثر استقرارًا.
جون كريستيان سمتس: “لا يُهزم الإنسان من خصومه، لكنه يُهزم من نفسه”.