|


طلال الحمود
المدرب دون جوان
2023-04-09
ولدت شخصية دون جوان الأسطورية خلال القرن السابع عشر من خيال الأديب الإسباني جابرييل تيليز، الذي استعار اسم تيرسو دي مولينا على طريقة “الشادي” و”العطيب” وغيرهما لإخفاء هويته، ولم يكن مؤلف رواية “ماجن إشبيلية” ينتظر أن يصنع من جوان “طراد الهوى” شخصية اختلف الأوروبيون طويلاً حول حقيقتها، ولم يكن أكثرهم يعلم أنها أسطورة لو كان للأديب الراحل عبد الكريم الجهيمان اختصاص مكاني لوضعها ضمن كتابه الشهير أساطير شعبية إلى جانب قصة “ابن سجوان وقلة الأعوان”، ومهما يكن إلا أن قصة دون جوان نالت نصيبها من صفحات التاريخ واحتلت مكانة توازي الحقيقة.
وتروي القصة أن دون جوان حاول استمالة ابنة قائد الجيش قبل أن تنتهي محاولاته بمبارزة والدها أمام سكان إشبيلية، وعلى عكس التوقعات تمكن جوان من قتل القائد وسط دهشة الجميع، قبل أن يهرب من المدينة تاركًا أهلها يتحدثون عنه حتى كتابة هذا المقال.
وخلال الشهر الماضي قرَّر المدرب الفرنسي هيرفي رينارد الرحيل عن المنتخب السعودي للرجال، واختار الاستقرار بالقرب من سيدات منتخب فرنسا، في قرار لم يسبقه عليه أحد من المدربين المهمين في العالم، ويبدو أنه اتخذ قرارًا استباقيًّا بهدف الاكتفاء بما حققه مع “الأخضر” في كأس العالم الأخيرة وسمعة الفوز على الأرجنتين التي حوّلته إلى أسطورة لدى بعض متابعي كرة القدم في العالم، خاصة أن تجربته في تدريب المنتخب السعودي لم تكن ناجحة بالقدر الكافي للمطالبة باستمراره قياسًا على أداء الفريق مع الهولندي بيرت فان مارفيك والأرجنتيني خوان أنطونيو بتزي.
ولم يتمكن هيرفي رينارد منذ وصوله إلى الرياض من إقناع أنصار المنتخب السعودي، حتى أن النتائج كانت رهن جهوزية لاعبي الهلال وحضورهم في المباريات المهمة، وكان من السهل التكهن بمستوى وأداء المنتخب بمجرد الاطلاع على حال تشكيلة الفريق العاصمي وانسجام المدرب رامون دياز مع لاعبيه، ما يجعل هذا الفرنسي من أوفر المدربين حظًا في تاريخ كرة القدم السعودية، لاعتبار أنه لم يضف للمنتخب ما يمكن ذكره، وفي المقابل منحه اللاعبون خلاصة ما استفادوه من فان مارفيك وبيتزي خلال السنوات الأخيرة.
رحل رينارد على طريقة دون جوان بعدما أجبره المنطق على المغادرة وإخلاء الساحة التي حقق فيها انتصارًا من الصعب الحفاظ عليه في مستقبل الأيام، وأحسن هذا الفرنسي صاحب الخطب العنترية صنعًا حين اعتزل قسم الرجال واختار التفرغ للاهتمام بالسيدات بعيدًا عن الضجيج الذي يمكن أن ينال من سمعة انتصاره في الدوحة.