|


رياض المسلم
علموا أبناءكم «التسيّب» وركوب الأمواج
2023-04-29
تخرج سيدة تصدح بأعلى صوتها في مقطع يتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنها لن تجعل أبناءها الطلبة الصغار يذهبون إلى المدرسة بعد استئناف الدراسة بحجة أن العودة جاءت يوم الأربعاء، صوتها الناعم بطبيعته الأنثوية تبدل إلى الخشونة عندما وقع على مسامع العقلاء ممن يرون أنها ومن يسير على نهجها يعززون ثقافة “التسيّب” وعدم الانضباط وترسيخه في أذهان الجيل الجديد الذي يغذّونه بفكرهم القديم.
لا أملك إحصائية دقيقة تكشف عدد غياب الطلبة عن دوامَي الأربعاء والخميس بعد العودة من إجازة عيد الفطر المبارك التي استمرت ستة أيام، ولكن بنظرة حول المحيط القريب فإن نسبة الغياب تصل إلى القصوى، والحاضرون من الطلبة في الكثير من الفصول الدراسية لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة.
وزارة التعليم عندما وضعت في روزنامة تقويمها الدراسي فتح أبواب المدارس في السادس من شهر شوال لم تذيّل القرار بعبارة “الحضور فقط للطالب المجتهد والمنضبط وأما منهم عكس ذلك فعليهم أن يكبروا الوسادة”.
حالة كبرى من التذمر ارتسمت على محيّا أولياء الأمور في الفترة الماضية بسبب يوم العودة إلى المدارس وكأنهم هم من سيذهب إليها وينوبون عن أبنائهم في التحصيل التعليمي، والمضحك المبكي أن هؤلاء الآباء والأمهات المناهضين لفكرة ذهاب أبنائهم الأبرياء إلى المدارس في يوم العودة، لم يتأخروا عن موعد عملهم سواء في القطاع الحكومي أو الخاص..
هنا لا أكشف سرًا أو أفضح أمرًا، بل هو شأن نعيشه ونتعايشه في أوساطنا، وتسببت وسائل التواصل الاجتماعي في الرفع من أصوات هؤلاء لحين ركبوا موجات “التعنّت” والتسيّب ضد عودة أبنائهم في اليوم المحدد للدراسة، وأخذوا الصغار معهم في تلك الموجة..
لهؤلاء المتسببين في الإهمال والمعززين لفكرة انعدام الانضباط ماذا سيجنون من تصرفهم؟ وألم يشبعوا من الإجازة؟ وما القيمة التي تركوها لأبنائهم عندما يدلونهم على طريق التسيب والفوضى في المواعيد؟ وكيف سينظر الطلبة إلى المدراس مستقبلًا؟.. الكثير من الأسئلة إجابتها تأتي بمثابة المعاناة قبل أن ينطقوا بها..
لن أذهب إلى المختصين في المدارس وإدارات التعليم ووزارة التربية حيال تصرفهم مع المتغيبين عن الدوام بحجة “لخبطة النوم” أو “عدم الاكتفاء من الإجازة”، ولكنيّ أعني أولياء الأمور فالقيم والمبادئ التي تزرعونها في أبنائكم في صغرهم ستجنونها عندما يكبرون، فاحرصوا على وضع لبنات محاطة بالانضباط والالتزام ومعززة بثقافة محبة العلم والمواعيد.