|


أحمد الحامد⁩
روبوت الكبسة!
2023-05-28
قبل أيام قدَّم الملحن عمرو مصطفى مقطعًا صوتيًّا بصوت أم كلثوم، المقطع بلحن وكلمات جديدة مستخدمًا الذكاء الاصطناعي لتطويع صوت أم كلثوم، بعد صدور الأغنية صدرت أغنية جديدة بصوت عبد الحليم وعبر الذكاء الاصطناعي أيضًا أثارت غضب عائلة عبد الحليم.
بعيدًا عن الحقوق الفكرية إلا أن ما يحدث بداية لا رجوع عنها لمنحى جديد للأغنية وكل الإنتاجات الصوتية، وواضح جدًّا أن الأصوات التي رحلت عن الحياة قد عادت إنما برؤية من سيستخدمها، وهذا يعني أن أغاني جديدة سنستمع لها في المستقبل لفنانين رحلوا. أما الحقوق الفكرية فلا أظنها مشكلة إذا ما تم التعامل مع الأصوات مثلما يتم التعامل مع الابتكارات، الصين مثلًا من أكثر المستفيدين من الاختراعات الأمريكية، وهي تستنسخها مع تغيير محدد، وبهذا التغيير تحصل على براءة اختراع وكأنها صاحبة الابتكار من الأساس، حتى في عالم العطور يعتبر أي تغيير بسيط في الرائحة ابتكارًا جديدًا، وفي الأصوات سيتم التعامل مع الأمر بالطريقة نفسها، وسيأتي من سيستخدم صوت مايكل جاكسون مع وضع إضافة صغيرة.
بالأمس بعد معرفتي بأغنية عبد الحليم الجديدة حاولت الاطلاع على ما يفعله الذكاء الاصطناعي بالأصوات، وعلمت أن المسألة أبعد من الأغاني، فبإمكانك أن تعطي تطبيقًا مختصًا تسجيلًا لصوتك، ثم تكتب نصًا ليقرأه لك بالصوت الذي أعطيته له، أما القراءة التي استمعت لها في التطبيق فكانت رائعة ومن دون أخطاء، وهذا يعني أن عالم التعليق الصوتي أصبح بمفاهيم جديدة لا تشبه ما سبقها تمامًا، ويستطيع كل من يكتب نصًا أن يحصل على الصوت الذي يختاره دون أن يدفع شيئًا سوى ما قد تتطلبه خدمة الاشتراك في التطبيق إن كان يفرض رسومًا.
كنت أكتب عن المذيعين الافتراضيين من باب المزاح، وبعد استماعي لأغنية أم كلثوم وبعد اطلاعي على التطبيقات المختصة بصناعة الأصوات أدركت أن المسألة حقيقية، ولن أستغرب وجود المذيعين الافتراضيين في القنوات التلفزيونية والإذاعية، أصبحت مقنعًا أنها مسألة سنوات لا أكثر. بالأمس تحدثت مع الزميلة مها سعود عن المذيعين الافتراضيين، وبين المزح والجد حذرتها من مستقبل المذيعين البشريين أمام الذكاء الاصطناعي، لكنها أجابت بأن الذكاء الاصطناعي لن يستطيع تعويض الإحساس الموجود في أصوات المذيعين، لكنني شرحت لها بأن الذكاء الاصطناعي يستنسخ أصواتنا تمامًا، وإذا ما تم استخدامها في الإذاعة ستكون بأمثل صورة، فالذكاء الاصطناعي لا يخطأ بالقراءة مثلما نخطأ، ولا يتبدل مزاجه مثلما يحدث معنا، وعندما أصبحت الطرق مغلقة أمامها سألتها إن كان لديها أي موهبة أخرى غير التقديم الإذاعي أجابت: الطبخ.. أصلّح كبسة لذيذة. ربما يكون حلًا مؤقتًا قبل أن يصل روبوت الكبسة!