|


محمد المسحل
المنصب مكان مؤقت..
2023-06-30
عام 2014 حين كنت الأمين العام للجنة الأولمبية السعودية، جاءني أحد رؤساء الاتحادات الرياضية طالبًا الاستئذان لرفع شكوى ضد إحدى الصحف، وضد أحد كتَّاب الرأي فيها، حيث رأى أنَّ هذا الكاتب وصحيفته، يستهدفون شخصه، وليس اتحاده الرياضي منذ أن تسلَّم منصبه في رئاسته!
طلبت منه الهدوء قليلًا، واستأذنته لدقائق ريثما يشرب قليلًا من الماء، وكوبَ شاي، وذهبت إلى مدير مكتبي، وطلبت منه ملخص الطرح الإعلامي تجاه اللجنة الأولمبية، واتحاد اللعبة الذي يرأسه ضيفي في الداخل، وعدت لسعادة الرئيس بعدما هدأ، وفتحت أولًا الملف الخاص باتحاده، وبدأت أقرأ له، وعلى عجالة، المقالات التي تخصُّ اتحاده، وكانت نحو ثماني مقالات تقريبًا، ثم سألته قائلًا: بغض النظر عن قسوة بعض المفردات، مثل كلمة “فاشل”، و”جاهل” وغيرهما، هل يمكن أن تُخرج لي معلومةً واحدةً غير صحيحة من هذه المقالات؟
نظر إليَّ مستغربًا، وقال: “الحين أنا جايك أبيك عون، صرت لي فرعون؟”. قلت: بالعكس، أنا فقط أريدك أن تنظر للأمر بشيء من الموضوعية، وتتجاهل الكلمات المزعجة، وتركز على مدى دقة المعلومات المذكورة في المقال، وستكتشف أن كثيرًا مما يُذكر فيها له علاقة طردية مع نتائج اتحادك. ثم فتحت له ملف الطرح الإعلامي تجاه اللجنة الأولمبية، وقرأت له مقالين فقط فيه، فبادر متفاجئًا، وسألني باستغراب شديد: “أف! وش اتخذتوا تجاههم؟”. أجبت: اتخذنا خطوةً جذريةً مهمةً. قال: “ما هي؟”. قلت: طلبنا استضافة كاتب كل مقال، وجلسنا معه، وطلبنا منه أن يشرح وجهة نظره، ونشرح له وجهة نظرنا بكل مهنية واحترام، ولم نطلب من أي منهم أن يغيِّر رأيه فينا، بقدر ما طلبنا منهم أن يستمروا في إظهار عيوبنا لنا.
قد يكون لكاتب المقال أحيانًا بُعدٌ شخصي تجاه المؤسسة الرياضية، أو أحد كوادرها، لكن غالبًا الطرحُ الإعلامي تجاه مؤسستك الرياضية له فوائد وإضافات وإسهامات في إصلاح الخلل أكثر بكثير مما يتوقع المسؤولون فيها، ويجب على هذا المسؤول أن يتذكر أنه لا “يمتلك” منصبه، ولا المؤسسة التي يعمل بها، إذ إنها ملكية عامة، ولكل الناس الحق في نقدها، وإبداء الرأي في عملها وإنتاجيتها، وأن يتذكر أيضًا أنه كان خارجها يومًا ما، وسيعود إلى خارجها قريبًا أيضًا، ويجب عليه أن يعمل كل ما يستطيع ليقدم أفضل ما يمكنه من عمل قبل أن تنتهي فترته، ولا توجد طريقة أفضل من الهدوء والتعامل الموضوعي مع الإعلام، ومحاولة الاستفادة والإفادة، وأنا هنا أتحدث عن الإعلام الرصين والمسؤول والمتخصِّص.
وعيدكم مبارك.