|


عوض الرقعان
الأهلي ورسالة المالكي
2023-08-30
ما شاهدنه من حضور وتأثير وتفاعل وأهازيج في ملعب الأمير عبد الله الفيصل بجدة خلال الثلاث مباريات الماضية من قبل جماهير الأهلي الوفية يؤكد مقولة الرمز الأمير عبد الله الفيصل قبل 50 عامًا بأن الأهلي ملك جمهوره إذا رح عنه طاح.
وأظهرت هذه الجولات بأن هذا الكم من الجماهير يغرد خارج السرب من حيث هذا الإبداع والتميز والكثافة كظاهرة جديدة على مستوى المنطقة والذي حاول بعض المحسوبين على الرياضة إيقافهم ولكن هيهات.
وفي ظل هذا الكم من الحب والوفاء شاهدنا ذلك العمق المتبادل بين اللاعبين بمختلف ثقافتهم وجنسياتهم وهم يبادلون هذه الجماهير الوفاء باحتفالهم عقب تسجيل الأهداف في مقدمة أولئك فيرمينو ومحرز وكيسية، ولقد وصلتني رسالة من ضمن أولئك الأوفياء للأديب والكاتب سعيد المالكي كتب فيها البعض يتوقع بأن جمهور
النادي الأهلي الملكي هو مجرد مدرج وأمامه فريق يلعب كرة قدم ويقوم هذا الجمهور بالتشجيع الحار له، ومن ثم ينصرف ويذهب الجميع كل إلى وجهته.
هذا المفهوم أو الوصف في مقياس المفكرين والمتأملين والنقاد والمحللين لعالم الرياضة وكرة القدم بالذات، ينطبق على مشجعي الأندية الاعتياديين (العاديين) وليس على عشاقها الموغلين في الحب والعشق لدرجة الجنون المتعقل الواعي والمدرك للذة مشاعره والعيش فيه والتعايش معه.
فالعلاقة بين النادي الأهلي وجمهوره هي انتماء حقيقي لعالم الصبابة والوجد والهوى والشوق الذي عادة ما يصاحب الروح للروح المقابلة.
فكأنك حين ترصد هذه المشاعر الجياشة أنك أمام روح كبيرة من النور هي صرح وجناب النادي الأهلي وأرواح من الفراشات التي يهوسها هذا الإنبهاج في النور وتنجذب له وتمتطي من أجله وصوب مشارقه الفيافي والصحاري والمسافات الطويلة كي تعانقه وتلتف حوله.
فتتلذذ من شغف.. وتهتف من نجوى.. وترقص من طرب وحب وحلل في حلِاله ودياره ومناره.
إذًا نحن أمام ظاهرة عجيبة أو حالة مضرمة في العشق استثنائية.. قد لا يتخيلها الإنسان البعيد عنها، حتى يقترب منها ويستلهم على الجادة جواد خيلها وجموحها الضارب في الآفاق.
فهناك بين الوسط الأهلاوي وناديهم.. ارتباط كينوني مجسم ومخيال عاطفة روحية.. لا تقبل التراخي على مر الأجيال.. بل النمو الشاسع هو ديدنها..
فكأنك تعيش مملكة خاصة ولها مواثيقها الأسرية والعائلية.. والتاريخية.. والمشاعرية.. والسحرية التي تعكس علاقة الأرواح بالنور.
طوبى لهذا العشق والألق والحب الكبير الذي كالمحيط لا يدرك الخيال عمقه وبُعده وعظمته.