|


تركي السهلي
تركي بن سلمان
2023-09-04
في الصفحة المكتوبة بعد بلوغ منتصف الثلاثينيات من العمر، يفتخر تركي بن سلمان بكونه إنسانًا. في العام 1987م كان الميلاد، لكن الاكتمال الأكبر، يحدث مع كُلّ مرة يفتح فيها بيتًا، يُشعل فيها خيرًا، ويسمح للمطر أن يُنبت عشُبًا في الباحة الجدباء. الغاية التي تُلاحق المرء النظيف خُلُقًا هي إسقاط التعب من أجساد المرضى، ومدّ اليد للواقف عجزًا، والرجولة المفاجئة التي لم يسبقها مُقدّمات.
لقد أهدى تركي بن سلمان منديلاً للأدمع، وورقة بيضاء يتراقص القلم فرحًا بالكتابة فيها، وممرًا يتّسع كُلّما ضاقت المنعطفات فيكون طريقًا شاسعًا لا تعب معه ولا كلل. لقد وقف “واحد” مع الرياضي، والعازف، والمسرحي، والكاتب، والشاعر، والعامل، والموجوع المغمور العابر، والمرأة المُنهكة من فقدِ الأيّام، ولم لم يكن في كُل ذلك مُسوّقًا لذاته، بل فاعلاً للفعل الأكثر صدقًا وهو بعيد عن ارتدادات الأفعال. فليمت الخوف ويحيا الأمان.
السيرة للرجال مستودعها الزمن، والأنفس الطيّبة الخيّرة الوفيّة. والإعلان عن ذكرِ قصص الكِبار لا يُصاحبه قرع طبول، بل ميدان كبير يغدو ساحة للمُبارزة السلمية، لا فُرجة لها ولا هتافات. إنّ الأكبر هو الأصدق دائمًا والأكثر ثباتًا من بين الرؤوس، كونه يحمل قلبًا لا ينبض مُتسارعًا نحو المغنم، ولا شراهة في الركض نحو الدنيا. دُمت تركي، عونًا لمن لم يحسب حساب الجوع، والمرض، والوحشة، والظُلمة، والسُلّم المنكسر، ولمن لم يعمل على صدِّ تتابع الفقد وسلسلة الضربات التي تتوالى ألمًا، فيكون الجلوس إقعادًا دائمًا.
لقد درس تركي التسويق، وكتب الكلمات، وربى في المجلس الذي يصنع الدرس، والعقول الراجحة. لقد رافق الرجال وأظهر وجهه، ولاقح العقول، فزادها فِكرا، وأخذ من بين الدروس درسه الخاص ليُلقيه على الذين لم ينتظروا يومًا الكتابة. دمت تركي بن سلمان، الفتى الذي كان يكتب كلماته من وسط القصور، لتسري بين الناس في الشوارع، والميادين، وبيوت البسطاء، وأفراح الذين لم يكن لهم أغنياتهم. دُمت تركي بن سلمان وأنت الأمير الذي يمشي ومعه هموم غيره. لقد بنيت البيوت، وأسكنت الحائرين، وغرست في الأفنية الشجر الطيّب.