|


أحمد الحامد⁩
ضعف نظر!
2023-10-10
المدنيون ضحايا كل الحروب. هم مشاهدها الأقسى، وأثرها الأكثر بقاءً، والأشد إيلامًا. لا يمكن أن تحزن على موت مدنيين وتفرح لموت مدنيين آخرين، أو تتجاهل موتهم، فالإنسانية لا تتجزأ، هي ليست انتقاءات تحددها الميول والانتماءات. كل من تسعده مشاهد موت المدنيين أيًا كانوا عليه أن يذهب إلى أقرب طبيب نفسي.
الدعوة لـ (زيارة الطبيب النفسي) أود توجيهها كذلك للعاملين في قنوات التلفزيون الأوروبية والأمريكية، وعليهم أثناء توجههم نحو الطبيب أن يزوروا أقرب محل لبيع النظارات، فربما كان سبب صمتهم على مقتل المدنيين الفلسطينيين هو ضعف شديد في النظر، وليس ضعف في إنسانيتهم. أثبتت الأحداث طوال سنوات الحقيقة التي تقول لا يوجد لا في أوروبا ولا أمريكا إعلام حر كما يدعون، أو كما يدعي كل معجب بهذا الإعلام، لا يوجد إعلام غربي حر لا في القنوات التلفزيونية ولا في السوشال ميديا المحسوبة على أنها إعلام مجتمعي، وأرجو من كل شخص يرى أن الإعلام الأوروبي والأمريكي إعلامًا حرًا أن يعطيني رفضًا (واحدًا) لما يحدث للمدنيين الفلسطينيين من جرائم إنسانية من ضيف استضافته هذه القنوات، أو يعطيني مشهدًا (واحدًا) يصور الضحايا المدنيين الفلسطينيين مثلما أظهروا الضحايا المدنيين الإسرائيليين، ومثلما استضافوا ذوي الضحايا الإسرائيليين الذي تحدثوا عن معاناتهم القاسية بفقدهم لأبنائهم. ما فعلته حماس بالمدنيين الإسرائيليين قبل أيام جريمة إنسانية، وما فعله الجيش الإسرائيلي طوال تاريخه بالمدنيين الفلسطينيين جرائم إنسانية خبأتها القنوات التلفزيونية الأمريكية والأوروبية عن شعوبها 75 عامًا. سيأتي اليوم الذي تؤمن فيه الحكومات الإسرائيلية أن لا حل إلا بإعطاء الفلسطينيين الحق بقيام دولتهم، مثلما أقاموا هم دولتهم، ولا ندري حتى ذلك اليوم كم من الضحايا سيسقطون، وكم من مشاهد مؤلمة كان لها ألّا تحدث.
جورج برنارد شو: كانت الإنسانية لتكون سعيدة منذ زمن لو أن الرجال استخدموا عبقريتهم في عدم ارتكاب الحماقات بدل أن يشتغلوا بإصلاح حماقات ارتكبوها.