|


محمد المسحل
تكنولوجيا صناعة الأبطال ـ 4
2023-11-17
التضحية والتنازلات: خلال الوقت الذي يقضيه اللاعب في التدرب على رياضته، هناك تضحيات عديدة يجب تقديمها منه ومن أسرته، وذلك نظرًا لتخصيص الكثير من الساعات لهذا الأمر، حيث من النادر أن يذهب هؤلاء الرياضيون لقضاء وقت للعب في المدرسة مثلًا، أو حتى لقضاء وقت مع أصدقائهم. بل وأحيانًا قد يتعين على العديد منهم، في مراحل عمرية معينة، أن يتلقوا تعليمهم في المنزل، لأن جداولهم قد لا تسمح لهم بالتدريب والالتحاق بساعات الدراسة العادية. وهذا أحد أهم أوجه التضحية والمخاطرة!
ومن الناحية المالية، فإن تكاليف التدريب، ودفع ثمن المدرب، والزي الرسمي، والمعدات، والسفر، كل ذلك يتراكم ليشكل مصاريف طائلة، ما قد يكون أمرًا منهكًا ومدمرًا لعائلة الرياضي. فعلى سبيل المثال، وكمتوسط، فإن لاعب الجمباز التنافسي الذي تدرب لمدة خمس سنوات، يمكن أن تصل تكاليف إعداده ليصل للمستوى النخبوي المطلوب، إلى 120 ألف دولار أمريكي (450 ألف ريال). وكمثال حي، واجهت عائلة بطلة الجمباز الأمريكية سيمون بايلز، الحائزة على الميدالية الذهبية مرتين، صعوبات مالية كبيرة لتتمكن من تحقيق أحلامها. حيث اضطرت والدتها في عام 2012 إلى إعلان إفلاسها بسبب النفقات الباهظة. وعلى الرغم من أن التضحيات في هذا المجال كبيرة، إلا أن كثيرًا من العائلات تواصل تشجيع رياضييها حتى يصلوا يومًا ما إلى الألعاب الأولمبية.
في العديد من المجتمعات المتقدمة رياضيًّا، تعتبر الألعاب الأولمبية حدثًا عالميًّا رائعًا ومهمًا يجمع جميع الدول معًا للتنافس. وهي من نواحٍ عديدة، تُعتبر شرفًا كبيرًا لأي رياضي أن يمثل بلده ويمارس الرياضة التي يحبها، وتدرب عليها أغلب سنوات عمره. ولهذا السبب، عندما تُسأل عائلة بايلز عن الصعوبات المالية التي واجهتها وتواجهها، فإنها لا تندم على أي قرار اتخذته بهذا الخصوص.
ولذلك، يتوجب على الدول التي ما زالت تعمل لنشر ثقافة المفهوم الصحيح للرياضة، بأن تصمم برامج دعم ذكية ومباشرة لدعم الأسر التي تتبنى رعاية مشروع “بطل” في البيت! بدءًا بتعيين مدربين ثم بتخصيص منشأة، وانتهاءً بالدعم بالمعدات والأدوات، بل وبالدعم المالي الذي من شأنه تشجيع تلك الأسرة على الاعتناء بهذا البطل أو تلك البطلة.