ولدت في الأسبوع المأساوي.. ووضعت الأسطورة على غلافها 134 مرة مجلة مارادونا.. ماتت
دفعت مجلة "إل جرافيكو" الأرجنتينية ثمن المتاعب المادية التي أثقلت كاهل المطبوعات الورقية على مستوى العالم خلال الأعوام الأخيرة، وأعلنت عن استسلامها بشكل نهائي في يناير الماضي بعد طباعتها لعددها الأخير، تاركة إرثاً ضخماً في عالم الصحافة الرياضية لمكانتها الكبيرة في الإعلام الرياضي للقارة الأمريكية الجنوبية، ومحاكاتها لأبرز الإنجازات الكروية الأرجنتينية على مدار 99 عاما.
مولودة الحرب
أسّس الأوروجوياني كونستانسيو فيجيل عام 1918 مجلة "أتلانتيدا" التي عرفت شهرة واسعة النطاق على الأراضي الأرجنتينية، لكنها أوصدت صفحاتها إلى غير رجعة في شهر يناير من العام التالي بعدما دفعت ثمن ما عُرف بـ"الأسبوع المأساوي" الذي عاشته العاصمة بيونس أيرس، والتي شهدت أياماً من الفوضى وأعمال الشغب وجرائم قتل وحشية على خلفيات اجتماعية وسياسية. ورفض الإعلامي الأوروجوياني الاستسلام أمام خسارته ليُطلق بعد أشهر قليلة واحدة من أشهر المجلات في تاريخ الصحافة الرياضية، حيث بصرت مجلة "إل جرافيكو" النور بعددها الأول في 30 مايو من العام 1919. ووصلت هذه المجلة الجديدة إلى قلوب قرائها بسرعة قياسية لتركيزها التام على الصور والرسوم البيانية والعناوين العريضة فقط، واستمرت على شكل مجلة أسبوعية تُعنى بشكل أساسي بكرة القدم لأعوام طويلة، إلى أن تحولت إلى مجلة شهرية عام 2002.
أكثر من 100 صفحة
اعتادت مجلة "إل جرافيكو" على تقديم فقرات ثابتة مميزة في صفحاتها التي تجاوز عددها الـ 100 صفحة في كل عدد، فهي عمدت إلى افتتاح عددها بصور مميزة حول الموضوع الرئيس للعدد، كما عملت على إجراء حوار مع شخصية رياضية عبر طرح 100 سؤال في الفقرة الأشهر والأكثر قراءة. ومن بين صفحاتها الثابتة الأخرى صفحة نجوم الدوري الأرجنتيني، وصفحة النجوم الواعدين، وصفحة مزدوجة تحمل رسوماً بيانية عن النجوم الأرجنتينيين المحترفين في أوروبا، بالإضافة إلى صفحة اعتادت على نشر صور قديمة فيها من ذكريات المجلة، وصفحة تلخص فيها مسيرة أحد اللاعبين، عوضاً عن الصفحات الخاصة بالرياضات الأخرى، ومجموعة صفحات تحت عنوان الشوط الثالث تتناول فيها الوسائل الإعلامية والصحف والمجلات والكتب وألعاب الفيديو.
مارادونا مر من هنا
حققت المجلة الأرجنتينية أفضل أرقامها من ناحية المبيعات بعد فوز المنتخب الأرجنتيني بلقب كأس العالم عام 1986، حيث باعت قرابة 700 ألف من عددها الذي حاكى الإنجاز المونديالي الثاني لمنتخب بلادها، علماً أن قرابة 600 ألف أرجنتيني قاموا بشراء عدد "إل جرافيكو" بعد فوز منتخب التانجو بلقبه الأول عام 1976. وكان دييجو مارادونا النجم الأول على صفحات "إل جرافيكو"، حيث ظهر على غلافها 134 مرة، مقابل 58 غلاف لدانييل باساريللا، و54 غلاف لنوربيرتو ألونسو.
اليوم الأخير
عانت "إل جرافيكو" منذ بداية الألفية الجديدة أزمة مادية حادة ترافقت مع تراجع إنتاج المطبوعات الورقية حول العالم، فاتخذ القيمون عليها قراراً بتحويلها إلى مجلة شهرية عام 2002، لكنها استمرت عاجزة أمام محنتها المادية لتطبع عددها الأخير في شهر 16 يناير الماضي، أي قبل أشهر قليلة من احتفالها بعيدها المئوي. وعلى الرغم من توقف مطبوعاتها الورقية، تستمر "إل جرافيكو" اليوم بالوقوف عند كتاب ذكرياتها الجميلة عبر موقعها الرسمي الذي يقدم للقراء خدمة الاطلاع على الصفحات الأولى لجميع أعداد المجلة منذ تأسيسها، والتي وصل عددها إلى 4489 منذ العدد الأول عام 1919 وحتى العدد الأخير في شهر يناير الماضي.