من يسرق الفرح؟
ذهبت أنا وصديق لي ـ لم أره منذ مدة ـ لأحد مطاعم الرياض الجميلة, ومنذ جلسنا في المطعم وصاحبي يتذمر وينتقد كل شيء, فلم تعجبه الطاولات ولا الأكل ولا الخدمة حتى ابتسامة مدير المحل انتقدها لأنه اعتقد أنها ابتسامة صفراء هدفها مص ما في جيوبنا. خرجنا من المطعم لشارع التحلية فأكمل صاحبي حملة التذمر, فانتقد الإضاءة والأرصفة والسيارات. عرفت وقتها أن المشكلة ليست في الشوارع ولا الأنوار ولا المطاعم ولا السيارات بل المشكلة في النظرة السوداوية للأشياء.
في الوسط الرياضي ابتلينا بهذا النوع المتذمر الذي لا يعجبه شيء. فعندما يفوز الفريق أو المنتخب تجد المتذمرين يسرقون فرحة الجماهير بنقدهم المبالغ فيه والذي يدل على أنهم جهزوا سكاكين النقد بغض النظر عن النتيجة.
المشكلة الحقيقية أن عددا كبيرا من الإعلاميين ركبوا موجة النقد اللاذع في الأفراح والأتراح وكأنها النغمة الوحيدة التي يجيدون عزفها لدرجة أنك تعرف ما سيقولون قبل أن يتكلموا. فما سيقولونه ليس له علاقة من قريب أو بعيد بما يجري في الملعب بل إنه مرتبط بشكل مباشر بنظرتهم السوداء لكل شيء. فوجودهم من وجود هذا النقد اللاذع فهو إضافتهم الوحيدة التي جاءوا من أجلها.
أتمنى أن ننظر للأمور بنظرة واقعية بعيدة عن إحباطاتنا الخاصة. فليس ذنب الكرة السعودية أن هناك من يعاني من مشاكل اجتماعية أو اقتصادية أو حتى نفسية. فكرة القدم ليست مجالاً لتفريغ غضب الذات الذي يعاني منه بعض الإعلاميين. كرة القدم وجدت لإمتاع الجماهير والترويح عنهم فمن يعتقد أن كرة القدم حياة أو موت فإنه يخطئ في حساباته لأنه دائماً هناك مباراة مقبلة.