الأجانب (مقالب)
أتقبل حرص بعض أولياء الأمور على إنجاز الكثير من المتطلبات الخاصة بعائلاتهم، ومنها بالتأكيد مستلزمات شهر رمضان ـ والتي أراها غير مبررة ـ حتى بات بعضهم يشتريها قبل فترة طويلة في ممارسة غير مقبولة ولا منطقية، هذا الحال أشبه بعمل بعض رؤساء الأندية التي ما إن بدأ صيف المسابقات الحالية حتى انهمر سيل أخبار التعاقدات، وكأن الدوري سيعود بعد أسبوع، في حراك متعجل ربما يضر ولا ينفع، بعيداً عن التأني والتمحيص والتدقيق واستشارة ذوي الخبرة، والنتيجة غالباً لم ينجح أحد.
ليس كل لاعب دولي مميز قادر على النجاح في كل تجربة كروية جديدة، ولنا دليل في قائمة طويلة من الدوليين الذين فشلوا أو لم يرغبوا في استكمال عقودهم، على الرغم من تميزهم وشهرتهم الدولية، وليس كل محترف أجنبي خاض تجربة سابقة ناجحة مع فريق محلي، قادر على تكرار نجاحه مع فريق آخر، وما أكثر الأسماء التي أثبتت هذه الفرضية، حتى وإن كان هناك قلة خالفتها.
المتتبع لحركة التعاقدات الأجنبية طوال السنوات الأخيرة يلحظ تكراراً موسمياً للأخطاء في آلية التعاقدات ونوعيتها، حتى تحولت الأسماء التي استمرت لعامين إلى نجوم يشار لهم بالبنان نظراً إلى قلتهم، وشح اللاعبين الذين تم اختيارهم بعناية فائقة، ونجحوا في كسب ثقة ورضا الجماهير.
عودوا بالذاكرة خلال العشرة أعوام التي مضت من عمر الدوري لتكتشفوا أن الفريق الذي يمتلك العناصر الأجنبية هو القادر على المنافسة وتحقيق البطولات، ولن يكون الفتح بطل الدوري الموسم المنصرم سوى أحد الحالات التي تدعم مثل هذا الرأي، في حين أن من يفتقد العناصر الأجنبية حتى ولو كان لديه قائمة محلية جيدة لن يستطيع الاستمرار، وسيتعثر كثيراً والهلال والشباب هما خير أمثلة لهذه الحقيقية، فيما الفريق الذي اعتاد عدم التعاقد مع محترفين مميزين لن يقترب من المنافسة والنصر خير مثال.
الفترة الماضية من الدوري بكل إشكالاتها أكدت على سوء في اختيار الأسماء الأجنبية، وكذلك ارتباك في الآلية المعتمدة للتعاقد معهم، والتي لا تتجاوز مقاطع قديمة من “اليوتيوب”، أو استشارات من مدربين يسوقون لمواطنيهم، أو وكلاء أعمال همهم نسبة العمولة فقط، والضحية فرق قدرها أنها وثقت فيمن لا يستحق الثقة، بمباركة من إدارات الأندية التي عليها أن تخاف الله في موارد الأندية، ولا تهدرها في تعاقدات لا تسمن ولا تغني من بطولة.
الأمر الغريب أن الإمكانات الإلكترونية المتوفرة، وسهولة الحصول على المعلومة، وإمكانية مشاهدة أية مواجهة كروية في العالم على الهواء مباشرة لا يتم اللجوء إليها، حتى السيرة الذاتية لأي لاعب لم يعد يتم النظر لها بطريقة جيدة أو يتم الاعتماد عليها في المقام الأول في الاختيار، لذلك ما أكثر الراسبين.
إجمالاً أعيدوا للمسابقات السعودية هيبتها، وحاربوا من أجل تعاقدات أجنبية تشفع لمن يقف وراءها، وأجلبوا لدورينا العناصر المحترفة التي تقدم كرة قدم حقيقية، وتجبر الجماهير على العودة إلى المدرجات التي هجرتها لأن ليس هناك ما يبهج.