كن هلالياً لتكن وطنياً
خطوة أكثر من رائعة وتستحق الاهتمام والمتابعة قام بها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وشركة "وقت اللياقة" من خلال توقيع اتفاقية تعاون مشترك لمدة ثلاث سنوات لرعاية بعض الأنشطة والفعاليات التي تشمل المبادرة الوطنية للحد من التعصب الرياضي تحت شعار "فُرقنا ما تفرقنا" والتي سبق أن أطلقها المركز بالتعاون مع رابطة دوري المحترفين، وبقدر ما يهمنا كإعلام مشارك في دعم مثل هذه الأنشطة والفعاليات من حقنا أن نتساءل ماذا حقق هذا المركز مع الرابطة خلال الفترة القصيرة الماضية من نتائج ملموسة ظهرت آثارها على الشريحة المستهدفة وهي الشباب الرياضي؟
ـ بمنتهى الصراحة والشفافية لا أظن أن كلتا الجهتين تملك إجابة على هذا السؤال، بحكم أن "التعصب الرياضي" لم نلاحظ أي بوادر أو مؤشرات تدل على انخفاضه بل العكس تماماً نراه ينمو أكثر فأكثر على الرغم من تعدد الجهات التي تبنت مشروع "المسؤولية الاجتماعية" ولم تقصر في القيام بأدوار مختلفة في أساليب "التوعية" للحد من هذه الظاهرة المستفحلة بطريقة مخيفة تدعو للقلق.
ـ إذاً "أين المشكلة" بالتحديد ومن هو "المصدر" الحقيقي لها، فمن المفترض بعد هذا "الفشل" معرفة أسبابه من أجل الوصول للحل والعلاج، وهنا يجب الاعتراف من جميع الجهات التي اجتهدت في محاربة هذه الظاهرة الخطيرة أنها اهتمت بالشريحة المستهدفة دون تلقي بالاً على من يساعد ويساهم في إشعال فتيل نار التعصب في الأندية وبين الجماهير؟.
ـ هناك من يحمل "الإعلام" الرياضي هو الأساس والبؤرة التي نشأ وتربى في أحضانها التعصب ولو تعاملنا مع هذا الاتهام وطبقناه عملياً على الحالة المنظورة حالياً المتعلقة بالاحتجاج المقدم من نادي الهلال ضد نادي الأهلي الإماراتي بما هو مطروح في "تويتر" من آراء نصراوية واتحادية تتمنى أن يخسر الهلال الاحتجاج لوجدنا أن السلوكيات هي نتيجة طبيعية لمواقف هلالية مماثلة ومشاعر "مكبوتة" تراكمت بسبب الاتحاد السعودي لكرة القدم ولجانه حيث غابت "العدالة" في كثير من القرارات التي انصبت غالبيتها العظمى في مصلحة الهلال، وتحظى بدعم إعلام هلالي عبر صحف معينة كان لها سلطة قوية بالتأثر على "القرار" وصناعة، ومن كان يطّلع ويراجع مقالاتي وحواراتي التلفزيونية في تلك الحقبة الزمنية التي تسبق المرحلة الحالية لاتحاد يقوده أحمد عيد لوجد أنني "ياما وياما" حذرت من الظلم وعواقبه الوخيمة ومن العدالة الغائبة وانعكاساتها سلبياً على المجتمع الرياضي من جيل الشباب وهذا ما هو واقع وملموس حالياً في وقتنا الحاضر.
ـ كل هذه التراكمات "النفسية" هي التي حولت مشكلة التعصب الرياضي إلى ظاهرة خطيرة في مجتمعنا وسبق أن مرت هذه التراكمات في فترة ما قبل تولي الأمير فيصل بن فهد مسؤولية قيادة الحركة الرياضية حينما كان النادي الأهلي هو "المهيمن" على مفاصيل القرار وكيف تضررت بسببه أندية وأبرزها نادي الاتحاد لعدالة كانت "غائبة" وظلم علني كان يمارس، وفي الفترة نفسها وقبلها أيضاً نادي النصر كانت لديه قوة "ناعمة" على خفيف تعمل من خلف الكواليس استخدمها في قرارات حولها لمصلحته بطريقة غير "مكشوفة" تميزت بالدهاء.
ـ تعالوا الآن نبحث في مرحلة الاتحاد الحالي فمن تابع الشكوى التي رفعتها إدارة نادي الشباب للرئيس العام لرعاية الشباب بخصوص ما تعرض له من ظلم قبل مباراته أمام النصر وكيف ألغي قرار "تنظيمي" تمت الموافقة عليه قبل المباراة بـ"24" ساعة ثم "الإنذار الأخير" بالموسم الماضي يدرك تماماً أننا في منازلنا نعاني من "المشكلة" نفسها وإن اختلفت الأسماء والوجيه وأن مصدر التعصب الرياضي ومنابع بيئته هو الاتحاد السعودي لكرة القدم ولجانه وذلك منذ أمد بعيد.
ـ لهذا فإنني أقترح على مركز الحوار الوطني وجميع الجهات المشاركة أو من تبنت مشروع "المسؤولية الاجتماعية" لمحاربة التعصب ألا تنتهج العمل "الروتيني" أو تتحول رسالتها من التوجه الإنساني الاجتماعي إلى توجه "تجاري" لتحقيق مكاسب مادية توجه "إعلامي" غايته "الشو" لمصلحة ترويجية "دعائية" ليس إلا، إنما تقتلع سلوك التعصب من "جذوره الأصلية" وقبل أن تستهدف الجماهير عليها أن تستهدف الاتحاد السعودي لكرة القدم ولجانه، ولا يمنع القيام بجولة على اللجنة الأولمبية والإدارات التابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب والأندية الرياضية مع إقامة ورش عمل وندوات تهتم بتحقيق "العدالة" بين الجميع عبر تطبيق الأنظمة والقوانين دون أي "استثناءات" أو فوارق تؤدي إلى احتقان الشارع الرياضي وإعلام يخرج عن"رسالته" الحقيقية وجمهور منفعل بعدما وجدوا الجهة "الرسمية" وكذلك "المشرع" القانوني هما الأساس "المغذي" الفعلي للتعصب الرياضي وظاهرة نموه وزيادة انتشاره.
ـ إذا أراد المركز الوطني وغيره من جهات متعاونة تحقيق "النجاح" في محاربة ظاهرة التعصب الرياضي فليكن تركيزها على المنابع الرئيسة لمشكلة "الفساد الرياضي" عندها يصبح من السهل جداً القضاء عليها عبر جمهور حتماً سوف يتأثر "إيجابياً" وإعلام رياضي منطقياً سيتفاعل مع هذا النجاح ولن نجد في مجتمعنا الرياضي من يرفض مثلاً مقولة "كن هلالياً لتكن وطنياً" إنما تصبح شعاراً له مدلولاتهه "العميقة" في كل المناسبات الرياضية التي تشارك فيها أنديتنا ومنتخباتنا خارجياً، فـ"العدالة" حينما تسود جميع الأندية والنظام فوق الجميع فأبشروا بمجتمع نقي يلتزم بالنظام والقانون ويصفق للفريق المنافس كما يصفق لفريقه، ولنا في دول العالم المتقدم كثقافة اجتماعية ورياضية "مثالاً" ونموذجاً ملموساً بات واضحاً على شباب سعودي عربي متأثر بهذه الثقافة على مستوى لعبة كرة القدم وما هو ملاحظ أيضاً نحو حجم متابعة هؤلاء الشباب لها ولأندية ومنتخبات ونجوم أجنبية.