من قال .. كرة القدم لعبة الفقراء؟
في خضم الجدل الذي واكب مباراة السوبر السعودي بين النصر والهلال الذي أقيم في لندن قبل وبعد إقامتها ظهرت أصوات "إعلامية" ضد الفكرة وأهدافها التسويقية عبر آراء متخصصة في الدفاع عن حقوق الإنسان "البسيط" المنتمي إلى عالم "الفقراء" ممن يعشقون مشاهدة كرة القدم لتعزف على هذا الوتر موسيقى حزينة جدا أشبه بلحن أغنية "يامو ياست الحبايب يامو" التي تغنى بها الممثل الكبير غوار الطوشي في مسلسل "صح النوم" عبر كلمات "رنانة" تخاطب "عاطفة" المتلقي سواء كان مسؤولا أو مشجعا كروياً وكان من أبرز هؤلاء العازفين "الموسيقار" الدكتور حافظ المدلج وزميله فيصل الجفن وعدد آخر ممن شاركوهما كتابة مقطوعة "بور بور وقلبي مقهور".
ـ أنا هنا لست ضد فكرة الدفاع عن الفقراء ولكن يجهل هؤلاء المهتمون بالحرف والكلمة من هي الفئة المقصودة بعبارة "لعبة الفقراء" وبما يدعوني لطرح السؤال التالي"من قال إن المشجعين للعبة كرة القدم في المدرجات أو من خلف الشاشة الصغيرة هم المعنيون بهذه العبارة، أو جاءت في الأصل لتخصهم على وجه التحديد كفئة فقيرة يجب المفاضلة بينها وبين الفئة الغنية؟ ومن ثم يجب العناية بحقوقهم في الملاعب وغيرها؟"
ـ البعض منا للأسف الشديد عن قصد أو عن غير قصد ينغمس دون أي علم ومعرفة مع لحظة حماس واندفاع في قول أعجبه لينجرف نحوه ليتبناه في مواضع غير مناسبة واستشهاد غير صحيح رغبة في تحقيق "انتصار" لأفكاره وأحياناً لأهوائه الشخصية، فالمعني الحقيقي بعبارة كرة القدم هي لعبة الفقراء هم "الممارسون" لها ممن يطلق عليهم صفة "اللاعب" هذا في عصر "الهواية" وليست في عصرنا الحاضر فعندما تم اختراع هذه اللعبة بالقرن الثامن عشر الميلادي كانت تلعب في الأحياء الفقيرة وأطفال تعلقوا بها وفقاً لظروفهم المعيشية إذ لا تحتاج منهم لممارستها إلا لكرة بدأت بـ"الشراب " وملاعب صغيرة موجودة بالحواري والأزقة الضيقة دون أي تكاليف "مادية" وحتى لما تحولت إلى الأندية لم تخرج عن هذا الإطار المحبب الذي من خلاله تخرج أساطير أبهروا وسحروا الناس بفن إبداعاتهم الكروية.
ـ هذه أصل ومنبع تلك العبارة، أما المشجعون فلم تكن تخصهم لا من قريب ولا من بعيد، وحينما اتجهت كرة القدم من الحواري إلى الأندية وأصبح لها رسوم مادية تدفع من خلال شباك التذاكر وإن خصصت مدرجات للمشجعين إلا أن هناك تبايناً واختلافاً في المميزات بين الفئة الفقيرة والفئة المقتدرة مادياً التي تحصل على موقع أفضل للمشاهدة وكراسي مريحة، فأين هؤلاء "أحباب الفقراء" عن هذا التباين والاختلاف، ونفس الشيء ينطبق على المشاهدين لكرة القدم تلفزيونياً فقد كانت للفقراء والأغنياء على حد سواء إلا أن دخل على المجمتع الكروي عالم "البزنس" وخضعت كلتا الفئتين لنظام"التشفير" دون أي اختلاف في رسوم الاشتراك.
ـ وقبل ذلك نظام الاحتراف الذي حول ممارسي هذه اللعبة من الفقر إلى "أغنياء" تدفع لهم الملايين لاستقطابهم، ناهيكم عن الاتحاد الدولي لكرة القدم وكيف استقطب الشركات للاستثمار لتحقيق مكاسب مادية له وللاتحادات المحلية والأندية.
ـ ووفقاً لكل هذه المتغيرات "المادية" لم تعد لعبة كرة القدم لعبة الفقراء بأي حال من الأحوال سواء على مستوى اللاعبين أو المشجعين فقد باتت "صناعة" مربحة أرغمت عشاقها من الفقراء على التفاني من أجل الحصول على تذكرة أو "رسيفر" لمشاهدة ناديه المفضل ونجمه المجنون بفن لعبه، أليس كذلك أيها الزملاء "الأعزاء" الذين نسيتم أو تناسيتم أيضا أن هؤلاء الذين دافعت عنهم من جماهير النصر والهلال ـ في الرياض حينما لعب منتخبنا في بطولة الخليج التي أقيمت بالرياض لم يحضر إلا عدد قليل جدا منهم، حتى عندما سمح للمشجعين بالدخول "مجاناً" خيبوا ظن المشجع "الغيور" فيهم وهو يرى جمهور المنتخب اليمني كان هو الأكثر"حضورا ودعماً، فأين جماهير النصر والهلال "الفقيرة" من بطولة منتخب أهم من بطولة تخص أنديتهم، وأين أقلامكم وأصواتكم آنذاك عن مناشدة هؤلاء "الفقراء" لمعرفة سبب هذا الغياب، هذا إن ذهبت في نفس اتجاهكم بأن بطولة "السوبر" حُرم منها الفقراء.